من طرف شمس الحق الأربعاء 10 ديسمبر 2008 - 20:59
هل نحن أكولون شرهون ليصبح الغذاء الدسم وغير الصحي جزءاًمن سلوكنا اليومي العام، وهل ظاهرة السمنة غير المعتادة صارت غزواً جديداً جاءنا من المطاعم الحديثة التي تقدم الوجبات السريعة، أم من كرمنا السخي حين نقدم على موائد دعواتنا "حاشياً" محشواً، بالخراف، وأن مدينة ما امتدت سفرة عشائها ما يزيد عن مائتي متر احتوت على أطنان من اللحوم والرز، والفاكهة والحلوى، وأن المفاخرة بتكريم الضيوف، وهي عادة رائعة في وقتها، عندما تكون الصحون تنظّف عن آخرها، وكانت احتفالاً للجوعى، بينما في وقتنا الراهن، تذهب إلى (براميل) النفايات، أو إطعامها للقطط، والحيوانات الأخرى؟..
هذا الاسراف المتواصل وغير الحضاري، والمرفوض دينياً، تحول إلى أن نرى قطاعاً هائلاً من أعمار مواطنينا من الجنسين ما بين الأربعين والسابعة، والثامنة، تبرز كروشهم وأكتافهم بأوزان تتجاوز الحدود المعقولة للوزن الصحي، وأن هذه الصور نشهدها في المساجد، وملاعب كرة القدم والأسواق والمدارس وغيرها، وأن وداعاً للرشاقة صار جزءا من أشكالنا ومظاهرنا، وهو ما يهدد صحتنا عندما سجلت أمراض السكر والضغط والقلب والكلى أرقاماً تتجاوز الاحصاءات في الشعوب الأخرى، ثم إذا كان من أسباب الطلاقات الزوجية عزوف المرأة عن المطبخ، ورفض الرجل والأسرة حياة المطاعم والمطابخ، وأن معايشة أصحاب "الكروش" من الجنسين تحول إلى خلاف ووباء، ومظاهر خراب للحياة العائلية، فهل ندرك خطورة هذا الواقع والكيفية التي ننظم من خلالها وعياً عاماً بمخاطر لا ندرك أبعادها ونواتجها وسيئاتها؟
عوائد النفط، وهي أكبر نعمة شهدها هذا الوطن، كيف حولناها إلى امعاء هاضمة وطاحنة، ومربية للشحوم، والزوائد في عضلات الأجسام، وإخلاء الرؤوس حتى من التفكير بأبجديات الصحة العامة، والتي تعتبر أهم خطط الشعوب في المحافظة على نسلها وتواتر أجيالها، أم أن المسألة أخذت بعدها من حالة متدنية من الاهتمام بحياة بلا أمراض، أعلنت مؤسسات الصحة العامة والتغذية خطورة الوضع، واعتباره حالة لابد أن تدخل في الاجراء السريع بروادع معنوية ووعي خاص بالنتائج القادمة إذا ما تحولت المستشفيات إلى مواقع إيواء للعاجزين بسبب مظاهرهم الدهنية من خلال فوائض السمنة..
كل من له علاقة بالوعي العام، إعلام ومدارس ودوائر صحية وجامعات والقائمين على البث الفضائي، والأرضي، أن يعلنوا حالة الخطر ودق نواقيسها قبل أن يذهب عائد الأسرة إلى أوعية للمستشفيات والصيادلة والأطباء وأن الرحلة غير سعيدة لأجيال أصبحت مظاهر أجسادهم تنذر بخطر قادم، وأن الأجداد والآباء من كانوا يكدحون نهاراً كاملاً من أجل وجبتين وبعض القروش، لا يعرفون أن ثراء الحاضر نقمة على أحفادهم.