من طرف رشة ورد الخميس 24 يونيو 2010 - 6:30
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
روي أن أحدَ الولاةِ كان يتجول ذات يوم في السوق القديم متنكراً في زي تاجر ،
وأثناء تجواله وقع بصره على دكانٍ قديمٍ ليس فيه شيء مما يغري بالشراء ،
كانت البقالة شبه خالية ، وكان فيها رجل طاعن في السن ، يجلس بارتخاء على مقعد قديم متهالك ،
ولم يلفت نظر الوالي سوى بعض اللوحات التي تراكم عليها الغبار ،
اقترب الوالي من الرجل المسن وحياه ، ورد الرجل التحية بأحسن منها ،
وكان يغشاه هدوء غريب ، وثقة بالنفس عجيبة .. وسأل الوالي الرجل :
دخلت السوق لاشتري فماذا عندك مما يباع !؟
أجاب الرجل بهدوء وثقة : أهلا وسهلا .. عندنا أحسن وأثمن بضائع السوق
!!
قال ذلك دون أن تبدر منه أية إشارة للمزح أو السخرية ..
فما كان من الوالي إلا ابتسم ثم قال :
هل أنت جاد فيما تقول !؟
أجاب الرجل] :
نعم كل الجد ، فبضائعي لا تقدر بثمن ، أما بضائع السوق فإن لها ثمن محدد لا تتعداه !!
دهش الوالي وهو يسمع ذلك ويرى هذه الثقة
..
وصمت برهة وأخذ يقلب بصره في الدكان ، ثم قال
:
ولكني لا أرى في دكانك شيئا للبيع !!
قال الرجل : أنا أبيع الحكمة .. وقد بعت منها الكثير ، وانتفع بها الذين اشتروها] ....!
ولم يبق معي سوى لوحتين
قال الوالي : وهل تكسب من هذه التجارة
!!
قال الرجل وقد ارتسمت على وجهه طيف ابتسامة
:
نعم يا سيدي .. فأنا أربح كثيراً ، فلوحاتي غالية الثمن جداً ..!
تقدم الوالي إلى إحدى اللوحتين ومسح عنها الغبار ، فإذا مكتوباً فيها :
( فكر قبل أن تعمل ) ..تأمل الوالي العبارة طويلا .. ثم التفت إلى الرجل وقال
:
بكم تبيع هذه اللوحة ..!؟
قال الرجل بهدوء : عشرة آلاف دينار فقط !!
ضحك الوالي طويلا حتى اغرورقت عيناه ، وبقي الشيخ ساكنا كأنه لم يقل شيئاً ،
وظل ينظر إلى اللوحة باعتزاز .. قال الوالي : عشرة آلاف دينار ..!! هل أنت جاد ؟قال الشيخ : ولا نقاش في الثمن
!!
لم يجد الوالي في إصرار العجوز إلا ما يدعو للضحك والعجب ..
وخمن في نفسه أن هذا العجوز مختل في عقله ، فظل يسايره وأخذ يساومه على الثمن ،
فأوحى إليه أنه سيدفع في هذه اللوحة ألف دينار ..والرجل يرفض ، فزاد ألفا ثم ثالثة ورابعة
حتى وصل إلى التسعة آلاف دينار .. والعجوز ما زال مصرا على كلمته التي قالها ،
ض حك الوالي وقرر الانصراف ، وهو يتوقع أن العجوز سيناديه إذا انصرف ،
ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث لانصرافه ، وعاد إلى كرسيه المتهالك فجلس عليه بهدوء
..
وفيما كان الوالي يتجول في السوق فكر
..!!
لقد كان ينوي أن يفعل شيئاً تأباه المروءة ، فتذكر تلك الحكمة ( فكر قبل أن تعمل
فتراجع عما كان ينوي القيام به !! ووجد انشراحا لذلك
..!!
وأخذ يفكر وأدرك أنه انتفع بتلك الحكمة ، ثم فكر فعلم أن هناك أشياء كثيرة ، قد تفسد عليه حياته لو أنه قام بها دون أن يفكر ..!!
ومن هنا وجد نفسه يهرول باحثاً عن دكان العجوز في لهفة ،[/size][/size]
ولما وقف عليه قال : لقد قررت أن أشتري هذه اللوحة بالثمن الذي تحدده[size=25] ..!!
لم يبتسم العجوز ونهض من على كرسيه بكل هدوء ، وأمسك بخرقة ونفض بقية الغبار عن اللوحة ،
ثم ناولها الوالي ، واستلم المبلغ كاملاً ، وقبل أن ينصرف الوالي قال له الشيخ:
[/size][/size][/size]بعتك هذه اللوحة بشرط[size=25] ..!!
[/size]قال الوالي : وما هو الشرط ؟
قال : أن تكتب هذه الحكمة على باب بيتك ، وعلى أكثر الأماكن في البيت ،
وحتى على أدواتك التي تحتاجها عند الضرورة[size=25] ..!!!!!
[/size]فكر الوالي قليلا ثم قال : موافق[size=25] !
[/size]وذهب الوالي إلى قصره ، وأمر بكتابة هذه الحكمة في أماكن كثيرة في القصر ،
حتى على بعض ملابسه وملابس نسائه وكثير من أداواته[size=25] !!!
[/size]وتوالت الأيام وتبعتها شهور ، وحدث ذات يوم أن قرر قائد الجند أن يقتل الوالي لينفرد بالولاية ،
واتفق مع حلاق الوالي الخاص ، أغراه بألوان من الإغراء حتى وافق أن يكون في صفه ،
وفي دقائق سيتم ذبح الوالي[size=25] !!!!!
[/size]ولما توجه الحلاق إلى قصر الوالي أدركه الارتباك ، إذ كيف سيقتل الوالي ،
إنها مهمة صعبة وخطيرة ، وقد يفشل ويطير رأسه[size=25] ..!!
[/size]ولما وصل إلى باب القصر رأى مكتوبا على البوابة : ( فكر قبل أن تعمل[size=25] !! )
[/size]وازداد ارتباكاً ، وانتفض جسده ، وداخله الخوف ، ولكنه جمع نفسه ودخل ،
وفي الممر الطويل ، رأى العبارة ذاتها تتكرر عدة مرات هنا وهناك[size=25] :
( [/size]فكر قبل أن تعمل ! ) ( فكر قبل أن تعمل !! ) ( فكر قبل أن تعمل[size=25] !! ) .. !!
[/size]وحتى حين قرر أن يطأطئ رأسه ، فلا ينظر إلا إلى الأرض ، رأى على البساط نفس العبارة تخرق عينيه[size=25] ..!!
[/size]وزاد اضطرابا وقلقا وخوفا ، فأسرع يمد خطواته ليدخل إلى الحجرة الكبيرة ،
وهناك رأى نفس العبارة تقابله وجهاً لوجه !!( فكر قبل أن تعمل[size=25] !!) !!
[/size]فانتفض جسد ه من جديد ، وشعر أن العبارة ترن في أذنيه بقوة لها صدى شديد[size=25] !
[/size]وعندما دخل الوالي هاله أن يرى أن الثوب الذي يلبسه الوالي مكتوبا عليه[size=25] :
( [/size]فكر قبل أن تعمل[size=25] !! ) ..
[/size]شعر أنه هو المقصود بهذه العبارة ، بل داخله شعور بأن الوالي ربما يعرف ما خطط له[size=25] !!
[/size]وحين أتى الخادم بصندوق الحلاقة الخاص بالوالي ، أفزعه أن يقرأ على الصندوق نفس العبارة[size=25] :
( [/size]فكر قبل أن تعمل[size=25] ).. !!
[/size]واضطربت يده وهو يعالج فتح الصندوق ، وأخذ جبينه يتصبب عرقا ،
وبطرف عينه نظر إلى الوالي الجالس فرآه مبتسما هادئاً ، مما زاد في اضطرابه وقلقه[size=25] ..!
[/size]فلما هم بوضع رغوة الصابون لاحظ الوالي ارتعاشة يده ،
فأخذ يراقبه بحذر شديد ، وتوجس ، وأراد الحلاق أن يتفادى نظرات الوالي إليه ،
فصرف نظره إلى الحائط ، فرأى اللوحة منتصبة أمامه ( فكر قبل أن تعمل[size=25] ! ) ..!!
[/size]فوجد نفسه يسقط منهارا بين يدي الوالي وهو يبكي منتحبا ، وشرح للوالي تفاصيل المؤامرة[size=25] !!
[/size]وذكر له أثر هذه الحكمة التي كان يراها في كل مكان ، مما جعله يعترف بما كان سيقوم به[size=25] !!
[/size]ونهض الوالي وأمر بالقبض على قائد الحرس وأعوانه ، وعفا عن الحلاق[size=25] ..
[/size]وقف الوالي أمام تلك اللوحة يمسح عنها ما سقط عليها من غبار ،
وينظر إليها بزهو ، وفرح وانشراح ، فاشتاق لمكافأة ذلك العجوز ، وشراء حكمة أخرى منه[size=25] !!
[/size]لكنه حين ذهب إلى السوق وجد الدكان مغلقاً ، وأخبره الناس أن العجوز قد مات[size=25] !!
= =
[/size]انتهت القصة .. ولكنها عندي ما لم تنته .. بل بدأت بشكل جديد ، وفي صورة أخرى[size=25] .!
[/size]سألت نفسي[size=25] :
[/size]لو أن أحدنا كتب هذه العبارة مثلا[size=25] :
( [/size]الله يراك..الله ينظر إليك..الله قريب منك.. الله معك .. يسمعك ويحصي عليك[size=25] ..)
[/size]كتبها في عدة أماكن من البيت ،
على شاشة جهاز الكمبويتر مثلاً ،
وعلى طاولة المكتب ،
وعلى الحائط الذي يواجهه اذا رفع رأسه من على شاشة الحاسوب ،
وفوق التلفاز مباشرة يراها وهو يتابع ما في الشاشة[size=25] !!
[/size]وعلى لوحة صغيرة يعلقها في واجهة سيارته ،
وفي أماكن متعددة من البيت ، وفي مقر عمله[size=25] ...!!
( [/size]الله يراك..الله ينظر إليك..الله قريب منك.. الله معك .. يسمعك ويحصي عليك[size=25] ....)
( [/size]الله يراك..الله ينظر إليك..الله قريب منك.. الله معك .. يسمعك ويحصي عليك[size=25] ..)
[/size]بل لو أن هذه العبارة لكثرة ما فكر فيها ، وأعاد النظر فيها ،
استقرت في عقله الباطن ، وانتصبت في بؤبؤ عينيه ، واحتلت الصدارة في بؤرة شعوره ،
وتردد صداها في عقله وقلبه ، حيثما حملته قدماه ، رآها تواجهه ..ونحو هذا[size=25] ..
( [/size]الله يراك..الله ينظر إليك..الله قريب منك.. الله معك .. يسمعك ويحصي
عليك ..)أحسب أن شيئا مثل هذا لو نجح أحدنا فيه ، سيجد له اثراً بالغا في
ذحياته ، [/size][/size]
واستقامة سلوكه ، وانضباطاً في جوارحه ، وسيغدو مباركا حيثما كان[size=25] ..!!
[/size]ها أنا أقدم لكم هذه الحكمة ومجاناً لا أريد منكم جزاء ولا شكورا[size=25] ..
[/size]اللهم إلا دعوة بظهر الغيب[size=] ..
[/size]
عدل سابقا من قبل ¨°o.O SNOW WHITE O.o°¨ في الخميس 5 أغسطس 2010 - 6:07 عدل 1 مرات