من طرف محمد علي 12 الأربعاء 14 يوليو 2010 - 5:41
الوسوسة صوت غير رفيع، أو هي الكلام الخفي في اختلاط.
وهو: ما يلقيه
الشيطان في القلب قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ}(طه:120).
وصدر الإنسان هو مرتع الشيطان، لذا يقول الله { الَّذِي
يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (الناس:5) ولم يقل في قلوب الناس فالصدر
ينشرح أو يضيق بسبب الوساوس: {فمن يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ
صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ
ضَيِّقاً حَرَجاً...} (الأنعام:125).
كما أن الشيطان يجري من
الإنسان مجرى الدم، والشيطان مع كل إنسان، روى مسلم أن النبي -صلى الله
عليه وسلم- قال لعائشة: (أقد جاءك شيطانك، قلت: أو معي شيطان، قال: نعم،
قلت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم، قلت: ومعك يا رسول الله قال: نعم ولكن ربي
أعانني عليه حتى أسلم).
والشيطان معنا أينما كنا، في البيوت
والمساجد والأسواق، والأسفار، والاجتماع، الاختلاء، حتى في المسجد الحرام،
فهو يحضر عند الصلوات فإذا سمع النداء أدبر، وإذا انتهى النداء أقبل فإذا
سمع الإقامة أدبر وإذا انتهت الإقامة أقبل، ثم يحضر معنا في الصلاة فيذكرنا
بكل صغيرة وكبيرة من أمور الدنيا.
كما أنه لا يفتأ يقول لأحدنا:
من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول من خلق ربك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله
ولينته.. رواه مسلم.
ويأتيك في الوضوء فيوسوس لك أنك لم تتطهر حق
الطهور، وأنك أحدثت أو خرج منك ريح ...إلخ.
كما أنه يحاول قدر
استطاعته أن ينسينا الخير وأعمال البر، قال تعالى: {.. وَمَا أَنْسَانِيهُ
إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ..} (الكهف63)، ويأتي الواحد منا ليدخل
معه في بيته إن لم يذكر الله فيأكل معه طعامه ...إلخ .
كما أنه
يحاول أن يكشف ستر الله عليك، ويبيت معك ويعقد على قافيتك ثلاث عقد ثم
يقول: (نم عليك ليل طويل...) وقد يبول في إذنك، ويشكك في وعد الله ووعيده،
ونصرة الدين، وحقيقة القرآن والرسول، ويحاول جهده أن يفسد علاقتك بزوجتك،
وأن غيرها أفضل منها أو أنها لا تصلح لك، ولا تتناسب مع ميولك ...إلخ،
ويبلغ الفرح غايته عند الشيطان عندما يفرق بين المرء وزوجه أو بين الرجل
وأولاده أو جيرانه..
وإن عجز عنك في اليقظة جاءك في المنام بصور
شتى، ويفسد عليك واقعك الذي تعيشه، وقد يأتيك في صورة ناصح، أو صورة أبيك
أو أمك، وهما ينصحانك، أو يأتيك في صورة أحد زملائك وأحبابك، وأن هذا
الحبيب أو الزميل يريد أن يلحق الضرر بك، فتظن الظنون بذاك الحبيب أو
الزميل، كما أنه يدخل الأوهام والظنون فمرة يقول لك: إنك محسود من قبل فلان
أو فلانة أو أهل البيت الفلاني، أو أنك مسحور، أو مصاب بالعين، أو فيك مس،
أو يدخل عليك الشك في الزوجة أو الأولاد أو الزملاء.. إلخ.
ولكن
السؤال: كيف يكون التصدي للشيطان! أتراه يكون بالبيوت أو الحصون أو الدور،
أو السلاح أو العتاد، أو الذخيرة، أو بالعلاج والدواء والعقاقير، أو حتى
المساجد أو الحرمين كل ذلك لا يدفع الشيطان، إن شيطان الجن لا يدفعه أو
يصده ما تقدم، يقول ابن القيم: (إن الاحتراز منه يكون:
أولاً:
بالاستعاذة بالله من الشيطان، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنّاستغفر الله مِنَ
الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ} (فصلت:36).
ثانياً: قراءة هاتين السورتين (الفلق،
الناس).
ثالثاً: قراءة آية الكرسي.
رابعاً: قراءة سورة
البقرة.
خامساً: قراءة خاتمة سورة البقرة.
سادساً: أول
سورة غافر.
سابعاً: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قدير، (مائة مرة).
ثامناً: وهو أنفع الدروع
من الشيطان كثرة ذكر الله.
تاسعاً: الوضوء والصلاة.
عاشراً:
إمساك فضول النظر والكلام، والطعام، مخالطة الناس).
انتهى كلام
ابن القيم.
أقول: صدَق، ولكن كيف لو رأى ابن القيم ما نحن عليه
اليوم من النظر إلى القنوات الهابطة، والمسلسلات الماجنة، والصور الخليعة،
أو ما ينقله الجوال أو الإنترنت، وكذا فضول الطعام والشراب، ومخالطة الناس،
وهلم جرا...ثم لا نريد للشيطان سبيلاً علينا بالوسوسة!
أخيراً..
مضار الوسوسة كثيرة منها:
1 - طريق إلى الشك، والشك في الله كفر.
2
- يفقد الإنسان ثقته بنفسه وبغيره.
3 - ينفُرُ الناس من صاحب
الوسواس ويبتعدون عنه.
4 - الموسوس لا تكمل له عبادة ولا يستقر له
فكر.
5 - يشدد على نفسه حتى يدخل في دائرة المحظور.
6 - قد
يصل الأمر بالموسوس إلى الهلوسة ثم الجنون.
7 - الأضرار الصحية
العضوية الناجمة عن الوسوسة كثيرة.