منتديات تبسة

مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات تبسة

مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه

منتديات تبسة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات تبسة

منتديات تبسة عينك على تبسة والجزائر


2 مشترك

    : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …

    رشة ورد
    رشة ورد
    العضوة المميزة
    العضوة المميزة


    تاريخ الميلاد : 11/07/1993
    انثى
    الدولة : اسكــــــــــــــــ الجزائــــــر ــــــــــــــــــــن وفلسطـــــــ تسكنني ـــــــــين
    المزاج : AM FINE BECAUSE THERE IS NO ONE CAN CHANG MY FINE DAYS
    عدد الرسائل : 3693
    عدد النقاط : 14589
    نقاط تقيم الاعضاء : 413
    السرطان الديك
    العمر : 31
    الوظيفة : وراء القراية
    تعاليق : One Two Three Viva L'algerie
    18 - نوفمبر - 2009
    تاريخ لن ينساه الشعب الجزائري
    *********************
    صوني عفافَك بالحجابِ حقيقة *** واستغفري عما مضى وتوسّلِ
    ولباسُ تقوى الله أغلى ثمناً *** من كلّ أنواع الجواهر والحُلي
    ***************
    أنا لستُ وحدي في قرار تحـجّبــي *** خلـفـي كثــيـرٌ يـقتـفـيـنَ مَـتــابــي
    فمعي النساءُ السائراتُ على الهدى *** ومعي الحيـاءُ وفطرتـي وكتـابــي

    سأظلُّ أرقــى للسمـــاوات الـعُـــلا *** وأظلُّ أحيا في هــدى المـحــرابِ
    تاريخ التسجيل : 13/05/2010

    بطاقة الشخصية
    حقل رمي النرد:
    : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …   Left_bar_bleue1/1: جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …   Empty_bar_bleue  (1/1)

    خبر رد: : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …

    مُساهمة من طرف رشة ورد الأحد 19 ديسمبر 2010 - 6:45

    شكرا ع مرورك المميزِ ..
    سعــدت بـ توآجدكـ هنــآ ..
    كــل آلوِد لك ..
    منتديات تبسة
    منتديات تبسة
    عضو متميز
    عضو متميز


    تاريخ الميلاد : 21/02/1990
    ذكر
    الدولة : الجزائر
    الولاية : تبسة
    المزاج : اياحزن ابتعدعنــــــــــي ودع جرحي يزل همـــــــــي واني بك يا حزنـــــــــي غيــر العذاب لااجنــــــــــــي .................
    عدد الرسائل : 5081
    عدد النقاط : 13164
    نقاط تقيم الاعضاء : 249
    السمك الحصان
    العمر : 34
    الوظيفة : طالب
    تاريخ التسجيل : 09/09/2007

    بطاقة الشخصية
    حقل رمي النرد:
    : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …   Left_bar_bleue1/1: جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …   Empty_bar_bleue  (1/1)

    خبر رد: : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …

    مُساهمة من طرف منتديات تبسة السبت 18 ديسمبر 2010 - 16:33

    :بارك:
    رشة ورد
    رشة ورد
    العضوة المميزة
    العضوة المميزة


    تاريخ الميلاد : 11/07/1993
    انثى
    الدولة : اسكــــــــــــــــ الجزائــــــر ــــــــــــــــــــن وفلسطـــــــ تسكنني ـــــــــين
    المزاج : AM FINE BECAUSE THERE IS NO ONE CAN CHANG MY FINE DAYS
    عدد الرسائل : 3693
    عدد النقاط : 14589
    نقاط تقيم الاعضاء : 413
    السرطان الديك
    العمر : 31
    الوظيفة : وراء القراية
    تعاليق : One Two Three Viva L'algerie
    18 - نوفمبر - 2009
    تاريخ لن ينساه الشعب الجزائري
    *********************
    صوني عفافَك بالحجابِ حقيقة *** واستغفري عما مضى وتوسّلِ
    ولباسُ تقوى الله أغلى ثمناً *** من كلّ أنواع الجواهر والحُلي
    ***************
    أنا لستُ وحدي في قرار تحـجّبــي *** خلـفـي كثــيـرٌ يـقتـفـيـنَ مَـتــابــي
    فمعي النساءُ السائراتُ على الهدى *** ومعي الحيـاءُ وفطرتـي وكتـابــي

    سأظلُّ أرقــى للسمـــاوات الـعُـــلا *** وأظلُّ أحيا في هــدى المـحــرابِ
    تاريخ التسجيل : 13/05/2010

    بطاقة الشخصية
    حقل رمي النرد:
    : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …   Left_bar_bleue1/1: جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …   Empty_bar_bleue  (1/1)

    خبر : جوانب من الحياة السرية للجنرال العربي بلخير …

    مُساهمة من طرف رشة ورد السبت 18 ديسمبر 2010 - 7:03





    تعرّفت على الجنرال العربي بلخير في بداية التسعينيات، أسابيع بعد مغادرته منصب وزير الداخلية في حكومة سيد أحمد غزالي•• كنت في تلك الفترة صحفيا بجريدة الخبر اتصل على خط الجريدة، وسأل عني لدى الستاندارتيست سعاد، كنت في روبورتاج خارج العاصمة، وعندما عدت، اعطتني سعاد، رقم هاتف الجنرال بلخير، وما أن اتصلت به، وكان ذلك لأول مرة، حتى رحب بي بصوته الهادئ، وأثنى على كتاباتي السياسية وتحقيقاتي الميدانية، ثم طلب مني، إن كنت أرغب في ملاقاته، توقفت لحظة وأنا أصغي إليه، وثار في نفسي أكثر من سؤال، لكنني رحبت باللقاء، وكان اللقاء في اليوم التالي، بعد محادثتنا التلفونية في منزله بأعالي حيدرة•••
    قبل اللقاء معه، طرحت أكثر من تساؤل على نفسي، لماذا الجنرال العربي بلخير يريد أن يلتقي بي ، فمواقفي في تلك الفترة كانت نقدية لسياسة السلطة التي أقبلت على إيقاف المسار الانتخابي، وعلى تجميد نشاطات الجبهة الإسلامية للإنقاذ•• بينما كان الجنرال من بين الرجال الأقوياء الذين كانوا وراء إيقاف المسار الانتخابي، وفتح المراكز الأمنية•• قلت في نفسي، أنا صحفي، وعليّ أن أستمع إلى رجل جعلته الأقدار يلعب دورا سيحكمه عليه التاريخ، إن كان لصالح الجزائر أو ضدها•• •
    في تلك الفترة كانت شخصية الجنرال، مثيرة للجدل والكراهية عند الإسلاميين وحلفائهم التكتيكيين، ومصدر لغز كبير عند الكثير من المراقبين.معارضوه كانوا يرون فيه مصدر ما عرفته الجزائر من فتن، ومصدر القوة الخفية، والقوة الضاربة والقاضية••• كان مجرد ذكر اسمه يثير الكثير من المخاوف والقلق•••
    كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد الظهر عندما وطأت قدمي لأول مرة منزل العربي بلخير، كنت رفقة سائق الجريدة جمال، وضعت أصبعي على الزر، فانفتح الباب الأخضر الآلي، وحياني شابان عسكريان، اشتغلا كحارسين عند الجنرال، منذ أن كان على رأس معهد الإنيتا في برج البحري، كلاهما كانا من أقصى الشرق الجزائري، كانا معربين ومن بين قرائي وقراء الكاتب الصحفي سعد بوعقبة .ألقيت بنظرة خاطفة في باحة المنزلكانت هناك ثلاث سيارات بلاندي، صعدت الدرج إلى حيث يستقبل الجنرال العربي بلخير زوارهكان عبارة عن صالة كبيرة، علقت على جدرانها بعض اللوحات التاريخية جلست على أحد كراسي صالون لويس ,.14 بعد لحظات جاء الجنرال•• كان يلبس بدلة زرقاء داكنة، وقميصا أزرق فاتح اللون•• وربطة عنق حمراء ذات لون فاتر••• تقدم نحوي بخطوات وئيدة•• وقفت ومددت له يدي••• قال لي وهو يحييني بابتسامته العريضة ••• أهلا، أهلا، بك يا سي احميدة•• وعندما جلسنا، دعاني إلى شرب القهوة، وراح يدخن سيجارته المفضلة روتمانس، بينما رحت أدخن المالبورو الأحمر• سألني أثناء النقاش الذي بدأ حذرا، عن تحليلي للوضع، فقلت له رأيي بصراحة أن إيقاف المسار الانتخابي، لم يكن شيئا جيدا•• ابتسم، ثم قال لي، أعرف رأيك، لكن هناك أمور تجهلها•• وستعرفها ذات يوم•• سألته عن سرية هذه الأمور، لكنه تجنب الحديث فيها، ومنذ تلك اللحظة فهمت أسلوبه في الحوار، إنه يدفعك للحديث باستفاضة بينما تكون إجاباته في أغلب الأحيان مختصرة ومشفرة•• إنه يفضل الإشارة على الإفصاح••• وبعد نصف ساعة، سألني، إن كنت تساءلت، عن سبب اتصاله بي، فقلت أجل••• وعندئذ راح يحدثني عن المشكلة التي أثرتها للحكومة، قبل انتقالي من أسبوعية المسار المغاربي التي كنت أرأس تحريرها إلى الخبر••• وقال لي، شوف يا سي احميدة•• إنني في البداية شعرت أنك كنت مرتبطا بجهات مشبوهة، وهذه الجهات، كانت لا تريد الخير لعلاقتنا مع أشقائنا العرب••• ثم أضاف ربما كنت لا تقصد ذلك، عندما قمت بنشر الكتاب حول تاريخ آل سعود، الذي فيه قذف ومسّ برئيس دولة••• وهنا قلت الكتاب منشور، وهو يتعرض بالتحليل للعائلة السعودية الحاكمة، وما قامت به من قمع لباقي القبائل في منطقة الحجاز••• وقال لي الجنرال لكن صاحب الكتاب، هو معارض ينتمي إلى تنظيم اتحاد الجزيرة العربية••• والكتاب كما تعرف ممنوع•• ولا يوجد في أي مكتبة عربية•• ولعلمك، فلقد تم الاتصال بي على الساعة الواحدة صباحا، من طرف الملك فهد•• وكان يريد مكالمة مع رئيس الجمهورية آنذاك، الشاذلي بن جديد••• وعندما سألني الشاذلي بن جديد عن هذه القضية التي لم يكن له علما بها•• قلت له، إنك مجرد صحفي شاب•• وإنك لم تكن تقصد تخريب علاقتنا مع الأشقاء في المملكة••• وأضاف الجنرال، و بالفعل غضب رئيس الجمهورية، وقد أغلظ القول لرئيس الحكومة آنذاك مولود حمروش، وطالب أن يجد لذلك حلا••• خاصة وأن أسبوعية المسار المغاربي، تابعة للدولة••• ثم قال لي الجنرال، و بعد ذلك أكدت لنا التحقيقات، أنك كنت مستقلا، ولا علاقة لك بجهات أجنبية•• وفهمت من خلال اللقاء الأول بيننا أن الجنرال برغم ما أثاره نشر الكتاب مسلسلا على أعمدة المسار المغاربي من مشاكل وضجيج في الوسط الإعلامي في ظل مناخ حرب الخليج، في بداية التسعينيات التي حركت الشارع الجزائري وأحرجت السلطات الجزائرية على الصعيد الدبلوماسي والسياسي•• أراد أن يتعرف عليّ عن كثب••
    قال الجنرال بلخير وأنا أغادره•• أتمنى أن نبقى على اتصال•• وأنها ليست المرة الأولى والأخيرة•• •
    الجنرال•• حمروش، غزالي وعلي بن حاج
    عندما هرب العربي بلخير من الجيش الفرنسي والتحق بجيش التحرير عام 1958، بالقاعدة الشرقية بتونس، ربطته علاقة وطيدة بالشاذلي بن جديد، ومنذ تلك الفترة ارتبط مصير الرجلين بشكل عجيب•• فعندما توفي الكولونيل بومدين، وخطط رجل المخابرات القوي قاصدي مرباح ليخلف الشاذلي بومدين ويكون ذلك على حساب الرجلين القويين المرشحين لخلافة بومدين، وهما عبد العزيز بوتفليقة ومحمد الصالح يحياوي، كان الجنرال العربي بلخير آنذاك على رأس المدرسة العسكرية انيتا وداخل أسوار هذه المدرسة حسمت لعبة الخلافة، ولم يعمل هذا إلا على توطيد العلاقة بين الجنرال بلخير والشاذلي بشكل قوي، بحيث أصبح الجنرال بخلير ظِل الشاذلي في الرئاسة، وأمين أسراره•• وبرغم المنافسة حول من يكسب ثقة الشاذلي بن جديد بين عبد الحميد الابراهيمي، الوزير الأول آنذاك، والشريف مساعدية مسؤول حزب جبهة التحرير والدكتور طالب الابراهيمي، إلا أن الجنرال بلخير تمكن من أذن الشاذلي بن جديد، وهذا برغم غضبة الشاذلي بن جديد على بلخير أيام القمة الأولى التي جمعت بين الشاذلي بن جديد والملك الحسن الثاني•• تحول في العهدتين الأولى والثانية للشاذلي بن جديد، رجل الرئيس القوي، وتمكن الجنرال بفضل التفويض الذي منحه إياه بن جديد في إجراء اللقاءات مع رؤساء الدول وفي الإشراف على الصفقات الكبرى بين الجزائر والمؤسسات الاقتصادية العالمية وفي دراسة الملفات الحساسة، الرجل الذي له قدرة خارقة في صناعة رجال السلطة وإنهاء مهامهم، كما عمل الجنرال العربي بلخير على دعم مركزه من خلال شبكة معقدة من الولاءات ليس في مؤسسة الرئاسة وحسب، بل في مؤسسة الجيش والبرلمان والحكومة•• فأهم القرارات التي كانت تتخذ على مستوى رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد كان يقف وراءها الجنرال بلخير، وقد ساعدته مثل هذه المنزلة على المرافعة على الكثير ممن أصبحوا فيما بعد يوصفون برجال السلطة الأقوياء، ومنهم، الجنرال خالد نزار والفريق محمد العماري اللذين كانت تربطهما علاقة قوية بالجنرال العربي بلخير••
    عندما التقيت في بداية سنة ألفين مع رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد في منزله بالعاصمة الجزائرية رفقة زميلي نصر الدين علوي وبواسطة محمد مقدم مسؤول الإعلام في رئاسة الجمهورية أثناء فترة حكم الشاذلي بن جديد، سألت هذا الأخير عن القوة التي تتحدث عنها وسائل الإعلام التي كان يحظى بها الجنرال بلخير في عهده، وعن إن كان صعود مولود حمروش ورحيله يعود إلى دور هذا الجنرال المثير للجدل••• صمت الشاذلي بن جديد لحظة، وقال لي بنبرة هادئة •• سي العربي بلخير كان رجلا وفيا لي، وهو رجل مجد ورجل دولة، لكن مع ذلك كانت له أخطاءه•• وفي الفترة الأخيرة كان إلى حد ما، مخيبا للكثير من الآمال التي عقدتها عليه••؟! وعندما سألته عن خيبة أمله في الجنرال بلخير•• صمت، ونظر إليّ للحظات طويلة، ثم قال لي، سأقولها لك•• لكن أرجو أن تكون مهنيا، وهي ليست للنشر••• وبالفعل أجدني هنا، وذلك احتراما لأدب المجالس، أتجنب الحديث عن ما رواه لي الشاذلي بن جديد في هذه الشهادة••• أما عن مولود حمروش، فيقول لي الشاذلي، أن لا دور للعربي بلخير في صعوده•• بل كل الفضل يرجع إلى الشاذلي بحيث قال كنت في تلك الفترة أراهن على الوجوه الجديدة والشابة التي كانت لها قدرات ومواهب في إدارة شؤون الدولة، مثل مولود حمروش، والجنرال رشيد بن يلس•• ثم أضاف، لكن بعض هذه الوجوه، لم تكن في المستوى المرجو •• وفي لقاء مع الجنرال العربي بلخير وكان ذلك بعد منتصف التسعينيات، سألته عن رأيه في مولود حمروش، فقال لي، إن حمروش رجل موهوب، وهو عبارة عن آلة حقيقية في العمل•• لكن للأسف ان الرجل أصبحت له طموحات كبيرة، أراد من خلالها تجاوز من ساهموا في صناعته••• وقد أدت به مثل هذه الطموحات إلى خلق مجموعة من حوله، كانت غايتها الاستيلاء على الحكم، حتى وإن تطلب ذلك التحالف مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ••• لقد عمل حمروش ومجموعته ممن كانوا يسمون أنفسهم بالإصلاحيين على استراتيجية خطيرة، وهي استراتيجية التعفين الخلاقة للفوضى المنظمة•• ولقد كانت هذه الاستراتيجية السبب الحقيقي وراء دفعه إلى تقديم استقالته عندما انفلتت الأمور في أثناء اضرابات الفيس السياسية من بين يديه•••
    عندما غادر مولود حمروش منصب رئيس الحكومة واعتكف في بيته تفاجأ الرأي العام بوزير الخارجية سيد احمد غزالي ليحل محله••• بدأ رئيس الحكومة الجديد الذي كان يولي اهتماما كبيرا لأناقته هادئا ومطمئنا•• وتساءل المراقبون، إن كان سيد احمد غزالي، هذا الوجه القادم من الغرب والمتدرج من عالم الإقتصاد إلى عالم السياسة رجل العسكر؟!
    نفس السؤال طرحته على سيد أحمد غزالي فيما بعد، في منزله في أحد المساءات من العام 2001 فقال لي أن معظم المناصب التي احتلها كانت بفضل الجنرال العربي بلخير الذي لعب دورا مهما عند الشاذلي بن جديد ليكون في حكومة قاصدي مرباح، وبعدها في حكومة حمروش كوزير للخارجية•• وكانت العلاقة بين سيد أحمد غزالي والجنرال بلخير في غاية التألق والقوة••• وحتى عندما رحل حمروش عن الحكومة قام الجنرال بلخير باللوبيينغ عند وزير الدفاع آنذاك الجنرال خالد نزار من أجل أن يكون سيد أحمد غزالي على رأس الحكومة التي ستشرف على انتخابات حرة ونزيهة •• لكن سرعان ما انحدرت العلاقة بين الرجلين بعد رحيل غزالي عن الحكومة وتحوله إلى سفير الجزائر بباريس نحو الأسفل، سألت الجنرال بلخير عن العلاقة التي أصبحت باردة بينه وبين أحد رجاله الذين دافع عنهم طيلة فترة الشاذلي بن جديد وبعده•• فقال لي الجنرال أن خيبته كانت كبيرة في سيد أحمد غزالي الذي سرّب ملفا لأسبوعية فرنسية يوم كان سفيرا للجزائر ببارس، وهذا الملف يتهم فيه الجنرال بلخير بأنه كان وراء منح جواز سفر ديبلوماسي جزائري لمحتال من جنسية إيطالية، كان يعمل لصالح المافيا الإيطالية، وتقدم للجزائر من خلال الجنرال العربي بلخير ليكون وسيطا بين الجزائر ومؤسسة إقتصادية دولية للحصول على قرض يقدر بأكثر من مليوني دولار••• ، وبالفعل كان سيد أحمد غزالي باعتباره وزيرا للخارجية الجزائري، هو من أمضى جواز السفر الديبلوماسي•• لكن سيد أحمد غزالي قال أن إمضاءه جواز السفر كان مبنيا على التزكية التي منحها الجنرال بلخير لهذا المحتال الإيطالي، الذي ظهر فيما بعد أنه مطلوب من طرف الأنتربول••• وعندما سألت سيد أحمد غزالي الذي شكا لي بمرارة عدم رد الجنرال بلخير على اتصالاته الهاتفية، قال لي رئيس الحكومة الأسبق، بأنه لم يكن وراء تسريب الملف للجريدة الفرنسية (لوفانمان دو جودي) وأن الشخص الذي وشى بي عند الجنرال كان هدفه تخريب العلاقة بيني وبين الجنرال •
    في حياته اليومية كان الجنرال بلخير محافظا ومؤمنا، كان له عداء صريح للشيوعيين ولليسار بشكل عام•• وقد لعب الجنرال دورا كبيرا في إعادة العلاقة بين السلطة في عهد الشاذلي بن جديد وبين شيوخ الزوايا•• وقد يرجع ذلك إلى ميولات العربي بلخير إلى الإسلام الصوفي ومحاولة توظيف الزوايا كرد على الإسلام السلفي والإسلام الشعبوي الراديكالي الذي حملت جبهة الإنقاذ رايته في نهاية الثمانينيات بعد سقوط الحزب الواحد، وما يثير التساؤل حول علاقة العربي بلخير بالإسلام الصوفي، هو تلك العلاقة القوية التي كانت تربطه في نفس الوقت مع الدوائر المؤثرة صاحبة القرار في دول منطقة الخليج وفي الوقت ذاته مع الدوائر المؤثرة والقريبة من العائلة الحاكمة في المغرب•••
    عندما فاجأ التيار الإسلامي الراديكالي دوائر السلطة والمراقبين بذلك الصعود المذهل في الشارع الجزائري، شعر الشاذلي بن جديد بالرعب والهلع مثلما قال لي رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي•• فالسيناريو الذي حدث في رومانيا وأودى بحياة شاوسيسكو وزوجته على يد المقربين منه إثر إعدامهما من خلال محاكمة غير قانونية ومفتعلة ظل يقض مضجع الشاذلي بن جديد كما صرح لي بذلك السيد سيد احمد غزالي•• وأضاف وهذا ما جعل الشاذلي بن جديد يولي أمره لعدد من رجاله المقربين من أمثال الجنرال العربي بلخير، وأبو بكر بلقايد الذي ساعده بلخير ليكون وزيرا للداخلية، وكان هذا الاخير الذي تم اغتياله في نهاية التسعينيات في قلب العاصمة هو من أعطى الاعتماد لجبهة الإنقاذ•• لقد كانت خطة الجنرال بلخير، حسب ما أسره لي، أحد الجنرالات المتقاعدين أن يخلق توازنا في اللعبة السياسية الناشئة وهذا إنطلاقا من موقعه كرجل ظل، وكان هدف مثل هذه التوازنات، تجريد المعارضة التقليدية من كل قوة ضاربة، مثل الأفافاس الذي كان يمثله آيت أحمد والأميديا التي كان يمثلها الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، والشيوعيين الذين كانوا ملتفين حول حزب الطليعة الإشتراكية••• وكانت اللقاءات السرية التي جمعته بالدكتور سعيد سعدي من أجل إنشاء حزب سياسي في منطقة القبائل ليكون منافسا لحزب آيت أحمد ومع الدكتور عباسي مدني، وبعد ذلك مع الراحل محفوظ نحناح الذي كان مترددا وغير متحمس بعد أحداث أكتوبر لإنشاء حزب سياسي، هي بداية التحضير للمشهد السياسي الجديد الذي عرف بعهد التعددية السياسية••• ••
    ****
    كان الشاذلي بن جديد يدرك أنه يختلف عن هواري بومدين من حيث الكاريزما، فهو ليس بالخطيب الجيد الذي يملك سحر اللغة ولا هو بالشعبوي القادر على جذب الجماهير·· لكنه كان قادرا أن يكون ذلك الرجل البراغماتي القوي بمستشاريه ورجاله الأوفياء، وكان الجنرال العربي بلخير أحد هؤلاء الذين كان يعتمد عليهم الشاذلي بامتياز··

    كل الملفات الكبرى والمتراكمة التي كانت توضع على مكتب الشاذلي بن جديد، كان يسلمها للجنرال بلخير·· وكان هذا الأخير معروفا بصبره على دراسة الملفات، بحيث شكل من حوله فريقا يتابع هذه الملفات السرية، وفي كل مساء كان يجلس إلى الشاذلي ويعرض عليه تحليله ونظرته الاستراتيجية·· جعلت مثل هذه الجلسات العلاقة بين الرجلين أكثر قوة، وهذا ما جعل الكثيرين المقربين من الشاذلي بن جديد يشعرون بالغيظ والغيرة وبحالة من التنافس الخفي حول من يملك أذن الرئيس··· أثناء أحداث أكتوبر ,1988 تفاجأ الشاذلي بن جديد بهول الأحداث، وبروز الإسلاميين الراديكاليين في الشارع، وكان وجه مثل الإمام الشاب علي بن حاج مثيرا لقلق الرئيس، وقد سأل الشاذلي بن جديد الجنرال بلخير ”من أين جاء هذا الشاب، وماهي هذه القوة التي جعلته يتحول في لحظة مثل هذه إلى زعيم شعبي، تجاوزت شيخا مثل الشيخ محفوظ نحناح··” صمت الجنرال بلخير وهو يصغي إلى الشاذلي بن جديد الذي كان في لحظة غضب ممزوجة بلحظة الروع الخفي، ثم قال مخاطبا الرئيس ”·· سيدي الرئيس، إن هذا الشاب، معروف لدينا بتطرفه، وقد كان سجينا لسنوات، فهو متورط في جماعة مصطفى بويعلي، وأنت الذي قمت بالصفح عنه يوم كان سجينا بلومين” لكنه رفض الصفح، وقضى ما تبقى له من وقت في أحد سجون الجنوب الصحراوي·· إنه عنيد·· ”لكن لا أظن أنه سيشكل علينا أي خطر··· إنه مراقب، ورجالنا جعلوه دون أن يشعر تحت أنظارهم···” لكن الشاذلي بن جديد لم يقتنع كثيرا بكلام الجنرال بلخير، وأعطى أوامره، ليبقى مثل هذا الشيخ الشاب تحت المراقبة الخفية··· وفي اليوم التالي من هذه المحادثة بين الرئيس الشاذلي والجنرال العربي لخير، استدعي علي بن حاج من طرف مصالح العقيد اسماعيل آنذاك، وكان مكان اللقاء في أحد المراكز التابعة لهيئة العقيد اسماعيل وهي غير بعيدة عن مقر البرلمان·· حدث ذلك في الأيام الأولى التي تلت مسيرة الإسلاميين الراديكاليين باتجاه ساحة الشهداء في 10 أكتوبر ,.88 وكان اللقاء بين علي بن حاج والعقيد اسماعيل بعد صلاة الظهر، كان العقيد اسماعيل العماري رفقة ضابطين من جهازه·· كان اللقاء ”وديا” كما قال لي علي بن حاج فيما بعد·· سئل عن رأيه في الأحداث، وقال له اسماعيل العماري حسب رواية علي بن حاج ”أنه يتمنى أن يبقى الإسلاميون بعيدين عن ما يحدث··” ولم يكن يدرك علي بن حاج حينها أن الشخص الذي يتحدث عنه، هو العقيد اسماعيل العماري، وهو نفس الشخص الذي سيلتقي به في رئاسة الحكومة مع مولود حمروش وعباسي مدني أثناء الإضراب السياسي الذي شنه حزب جبهة الإنقاذ في جوان .1991

    في أحداث أكتوبر شعر الشاذلي بن جديد أن هيبته أصيبت في الصميم، وبدأ يسمع لأول مرة أصواتا تتوجه إليه باللوم والعتاب والنقد حتى من داخل جهاز الحكم، وكانت الفضيحة المالية التي تورط فيها إبنه مع البنك المركزي قد أصبحت قضية رأي عام وطني، وراحت الألسن في الصالونات تتحدث دونما خوف عن الثراء الفاحش والصفقات المشبوهة التي تورط فيها مقربون من عائلة الشاذلي بن جديد··· وكان مثل هذا الأمر يثير أعصابه وغضبه وقلقه، وقد صارحه الجنرال العربي بلخير بكل ما كان يقال ويتردد على الألسنة، وهنا قال له الشاذلي وهو غير قادر على اتخاذ أي قرار ”وما العمل يا سي العربي” فأجابه الجنرال العربي بلخير ”يجب أن نواجه بكل شجاعة وضبط نفس··”·· وفي مثل هذا المناخ المتوتر كان مسؤول المخابرات السابق الذي خطط لتولي الشاذلي بن جديد ليكون على رأس الحكم، يشعر بالإطمئنان والفرح الخفيين·· وقال لأحد مقربيه ”هاهي فرصتنا حانت” وبالفعل كان قاصدي مرباح، الرجل الصامت والفولاذي وذو العقل المدبر يحضر نفسه ليحل محل الشاذلي بن جديد·· وفي لقاء خاص مع الجنرال العربي بلخير، صارحه هذا الأخير أن الوقت ليس في صالحه ليكون خصما للشاذلي بن جديد، وأبلغه أن الشاذلي بن جديد يحظى بدعم الرئيس الفرنسي ميتران، وأن هذا الأخير غير مستعد للتخلي عن صديقه الشاذلي بن جديد·· وقد فهم قاصدي مرباح الرسالة، وقد حاول الشاذلي وهذا بإيعاز من الجنرال العربي بلخير أن يرد التحية بمثلها لقاصدي مرباح، فكان تعيينه أول رئيس للحكومة بعد رحيل عبد الحميد الإبراهيمي·· وفي هذه الأثناء التي هزت أيامها عرش الشاذلي بن جديد، حاول الجنرال العربي بلخير أن يحد من غضب الجنرال الوزير رشيد بن يلس الذي صارحه بضرورة رحيل الشاذلي، فهو ”لم يعد قادرا على إدارة السفينة، وأصبح مكروها لدى الجماهير·· ولكن الجنرال الوزير رشيد بن يلس لم يتمكن من التحكم في أعصابه، وأدلى بتصريح لجريدة لوموند، تعرض فيه بالنقد لسياسة الحكومة التي كان عضوا فيها”، أثار مثل هذا التصريح الرئيس الشاذلي بن جديد، واتصل وهو في أوج غضبه بالجنرال العربي بلخير قائلا ”ماذا أصاب رشيد ليدلي بهذا التصريح دونما إذن إلى جريدة فرنسية···” وأضاف ”هذا الرجل لا أريد أن أراه··” حاول الجنرال بلخير أن يهدئ من روع الرئيس الشاذلي بن جديد، ثم دعا من جديد الجنرال رشيد بن يلس إلى منزله وأخبره أن الرئيس غاضبا على التصريح الذي أدلى به لجريدة لوموند، لكن رشيد بن يلس ظل على موقفه وقال للجنرال العربي بلخير ”··أنا منذ هذه اللحظة أعتبر نفسي مستقيلا من الحكومة···”، رفض الشاذلي بن جديد استقالة رشيد بن يلس التي سلمت للجنرال العربي بلخير، وعندما تم تشكيل حكومة جديدة بقيادة قاصدي مرباح لم يكن ضمنها الجنرال الوزير رشيد بن يلس···
    كان الشاذلي بن جديد في هذه الفترة التي أعقبت أحداث أكتوبر مثل الرجل المريض، بحيث تحول كل من حوله يطمعون في أن يكونوا ورثته الجدد، وقد أدرك الجنرال العربي بلخير ذلك جيدا، وكان عليه أن يحضر في صمت وهدوء فريقا جديدا يلتف حول الرئيس، وهذا من أجل إنقاذ النظام، والتطويق الذكي للمعارضة التقليدية والناشئة التي يحاول جزء منها، وهم الإسلاميون الراديكاليون الوصول عن طريق الشارع إلى السلطة·· قال الرئيس الشاذلي بن جديد لساعده الأيمن الجنرال العربي بلخير ”·· هؤلاء الإسلاميون يريدون رأسي آجلا أم عاجلا، فكيف يمكن التعامل معهم” وهنا اقترح المساعد الحميم وحافظ أسرار الرئيس ”··· هؤلاء الإسلاميون، يجب أن نطوقهم بذكاء·· وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بجرهم إلى اللعبة السياسية···” وعندئذ قال الرئيس ”تقصد أننا نمنحهم الإعتماد·· هذا مستحيل··” فقال الجنرال العربي بلخير ”·· ليس أمامنا من حل، إلا كشفهم تحت الأضواء، وكشف قدراتهم وأدائهم أمام الشعب··· لا يجب علينا تركهم في الدهاليز··· سيشكلون خطرا على الدولة إن نحن تركناهم ينشطون في الظلام··· ثم إن هناك إسلاميون معتدلون، يجب علينا تشجيعهم ودعمهم ومساندتهم للحد من قوة هؤلاء الراديكاليين···” ظل الشاذلي بن جديد صامتا، ثم نظر إلى الجنرال العربي بلخير قائلا ”إذن، لابد أن نفكر وبجدية في الأمر··” كان رأي أبو بكر بلقايد مدعما لرأي الجنرال العربي بلخير، ونفس الرأي كان بالنسبة لمجموعة الإصلاحيين الذين كانوا مقربين من الشاذلي بن جديد، وكان يقودها في تلك الفترة مولود حمروش الذي كان يحظى بثقة الشاذلي بن جديد، وبثقة أفراد عائلته·· وكان مولود حمروش في تلك الفترة يخطط للتخلص من رأسين كبيرين من أجل الاستحواذ كليا على ثقة الرئيس بن جديد·· في حوار سجلته مع أبوبكر بلقايد في العام ,1993 قال لي ”لقد تمكن مولود حمروش من إحراز ثقة الشاذلي بن جديد الذي كان معجبا بذكائه وقدرته الفائقة في العمل” وقد تمكن حمروش من إحداث أول صدع بينه وبين الجنرال العربي بلخير، عندما نبهه أن بلخير تمكن من خلق شبكة كبيرة من الموالين له، سواء داخل مؤسسة الرئاسة أو داخل مؤسسة الجيش، أو داخل المجتمع المدني، وهو بهذا العمل السري والحثيث يسعى إلى جعل الرئيس رهينة له، ولمجموعته القريبة، وعناصرها أغلبهم من الضباط الذين عرفوا ترقيات كبيرة في عهد الشاذلي بن جديد···” ومثل هذا التنبيه ”جعل الشاذلي بن جديد يشعر بعدم الإطمئنان للجنرال العربي بلخير الذي أصبح نفوذه يتصاعد ويتزايد باستمرار”·

    شعر مولود حمروش بالزهو والانتصار بعدما تمكن من الحد نسبيا من نفوذ الجنرال العربي بلخير الذي كان يستمد جزءا منه بفعل قوة العلاقة التي كانت تربطه برئيس الجمهورية، ومن إقالة قاصدي مرباح الذي يبتلع هزيمته على يد حمروش بتلك الطريقة التي اعتبرها ”مذلة” أدرك الجنرال العربي بلخير في تلك اللحظات أن دوره قادم إن ظل في موقع المتفرج·· لكن ما العمل؟! بينما بدأ نجم مولود حمروش الذي أصبح رئيسا للحكومة بالصعود·· راهن هذا الأخير على كتيبة قوية وهي كتيبة الإعلام·· فلقد أغدق حمروش على المقربين منه ليؤسسوا صحفا مستقلة، تكون موالية له·· وبالفعل تحولت هذه الصحف من الموالين لحكومته وأصبحوا ينعتون بالإصلاحيين والحمروشيين·· ودعم هذه الكتيبة بتعيينات من المقربين له على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية الكبرى مثل الإذاعة والتلفزيون·· وقد عرف التلفزيون في تلك الآونة حيوية لم يسبق لها مثيل من خلال البرامج السياسية التي تحولت إلى حلبة للنقد الحر للسلطة، سواء كان هؤلاء المنتقدين للسلطة من الديموقراطيين أو من الإسلاميين الراديكاليين أو المعتدلين·· وبدا للمراقبين أن السلطة الجزائرية أصبحت برأسين، بدل رأس واحد·· رأس الحكومة، ورأس الرئاسة·· وراحت صورة رئيس الحكومة مولود حمروش تتعاظم على حساب صورة رئيس الجمهورية الذي كان يبدو تائها وحائرا وسجينا لرئيس حكومته··· ثم شيئا فشيئا تحولت الصحافة ”المستقلة” إلى يد ضاربة بين أيدي مولود حمروش، ليس فقط ضد الإسلاميين الراديكاليين، بل ضد من كانوا يسمون ببارونات جبهة التحرير، وممن كانوا يحسبون على الرئيس الشاذلي بن جديد··

    أدرك الجنرال العربي بلخير أن مولود حمروش أخذ منه زمام المبادرة في إدارة الصراع الجديد لما بعد أحداث أكتوبر·· وكان عليه التفكير من جديد كيف يستجمع قوته ويعيد ترتيب علاقاته من أجل خلق توازن جديد معاكس تماما لهذا التوجه الجديد لميزان القوة الذي أصبح في وقت وجيز لصالح مولود حمروش وفريقه ممن يوصفون بالإصلاحيين، خاصة ظهور عدد من المقالات التي راحت تنتقد الجنرال العربي بلخير بصورة ساخرة وقاسية، وما راحت تثيره من شبهات وشكوك حول نفوذه في كواليس السلطة وفي كواليس الأعمال··
    جبهة الإنقاذ في صراع التجاذبات بين بلخير وحمروش
    كانت نتائج الانتخابات المحلية في العام 1990 التي حققت جبهة الإنقاذ من خلالها الأغلبية ضربة قاضية لجبهة التحرير·· وكانت بمثابة الإشارة الحمراء للفريق الحاكم·· وفي لقاء مع الرئيس حاول الجنرال العربي بلخير أن يرد ذلك إلى تهاون الحكومة تجاه الإسلاميين الراديكاليين، وأن الأمر أصبح لا يطاق، لذا فلابد من ضبط الساعة من جديد، إن الأمر قد يصبح خطيرا إذا ترك على هذا المنوال، ”لكن رئيس حكومة الشاذلي بن جديد هوّن من الأمر·· ونصح الرئيس أن يقبل بالنتيجة لأنها نتيجة ستكشف للرأي العام الدولي أن الجزائر على الطريق الصحيح من أجل بناء ديموقراطية حقيقية” وهذه الديموقراطية بأي شكل من الأشكال سوف لن تضر نظام الحكم في شيء بل ستدعم مصداقيته لدى الشركاء العالميين، وتعطي صورة طيبة عند وسائل الإعلام الوطنية والدولية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية سيتم الكشف عن حدود الإسلاميين الراديكاليين على أرض الميدان، فكل السمعة التي يتمتعون بها عند الجماهير سرعان ما ستنحدر نحو الأسفل عندما لا يتمكن الإسلاميون الراديكاليون من حل المشاكل اليومية والمتفاقمة التي سوف تطرح بحدة من طرف المواطنين··· إنه ”فخ قمنا بنصبه لجبهة الإنقاذ يا سيدي الرئيس·· لقد قدمنا لهم الطعم وابتلعوه بسهولة··” ثم أضاف حمروش وهو يحاول أن يضع الرئيس الشاذلي بن جديد في جيبه ”أنتم تدركون سيدي الرئيس أن حزب جبهة التحرير أصبح مكروها وممقوتا من طرف المواطنين··· لقد أصبحت جبهة التحرير رمزا للفساد والتعفن، وأن باروناته لا يشعرون تجاهكم بأي شعور طيب، هم يريدون التخلص منكم·· لذا فالفرصة أصبحت مناسبة للتخلص شيئا فشيئا من حزب جبهة التحرير وباروناته الذين لم يكفوا عن المناورة ضد سياسة الإصلاحات والانفتاح التي تبنيتموها بعد الأحداث الأليمة··· وقال حمروش للشاذلي بن جديد ”لقد آن الأوان للذهاب بعيدا في التغييرات” وآن الأوان لأحداث تشبيب داخل السلطة، وما يحدث الآن لحزب جبهة التحرير يساعدنا على تحقيق ما وعدت به الجزائريين··”·

    شعر الرئيس الشاذلي بن جديد لحجج وكلام رئيس حكومته الساحر، ومنحه كل تزكيته ودعمه ليخوض معركته ضد بارونات جبهة التحرير، وضد من يرفضون التغيير ولا يريدون تقاسم سياسة الرئيس···· واقتنع الجنرال العربي بلخير أن مولود حمروش قد كسب الجولة ضده·· وأنه أصبح الآن مصدر خطر ليس فقط بالنسبة إليه، بل بالنسبة لرفاقه من المؤسسة العسكرية الذين خاضوا أكبر مغامرة عندما واجهوا الجماهير الغاضبة في الشوارع، وبدا هذا الخطر ملموسا عندما راحت الصحافة المقربة والموالية لحمروش تثير قضايا في العلن عن ضرورة إحداث تغييرات في هيكلة المؤسسة العسكرية، وشن حملة ضد ما أسمته بعض الأحزاب السياسية والصحافة، ضرورة التخلص من تدخل البوليس السياسي في الحياة السياسية···
    في ظل مثل هذا الصراع بين أقطاب الحكم، وجد الدكتور عباسي نفسه أهم شخصية سياسية في المشهد السياسي·· وتحول بيته إلى مزار حقيقي لعدة شخصيات كانت في السلطة وأصبحت الآن تعيش على الهامش··· وكانت هذه الشخصيات تشعر بالمرارة وبرغبة في تحقيق ثأرها من الشاذلي بن جديد، ومن بين هذه الشخصيات قاصدي مرباح الذي قام بتأسيس حزب سياسي أسماه ”مجد” والبومديني العتيد شريف بلقاسم، ومسؤول الحزب الحاكم في الثمانينيات محمد الشريف مساعدية، وعدد من الضباط القدامى الذين تخلى عنهم الشاذلي بن جديد، وأحسوا بأنهم تعرضوا للإهانة والخيانة من طرف رفيق دربهم القديم·· وبالرغم أن علي بن حاج لم يكن مطمئنا لمثل هذه الاتصالات إلا أنه لزم الصمت، وكان يقول للمقربين منه ”أنه داعية وليس برجل سياسة، وهو يترك مثل هذا الأمر وقلبه مطمئنا لحكمة وبراعة الدكتور عباسي مدني الذي يعرف من أين تؤكل الكتف··”·

    وفي أحد اللقاءات المتبادلة بين الدكتور عباسي مدني ومحمد الشريف مساعدية، قال عباسي وهو في حالة من الزهو والاعتياد بالنفس ”أن الشاذلي بن جديد، يفكر جديا من التخلص من بعض القادة العسكريين المقربين منه، في حالة ما إذا لم يتخذ إجراءات ضد الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ومن بينهم الجنرال العربي بلخير الذي أصبح يخطط ضدنا··” وأضاف ”أن الشاذلي بن جديد حسب وسطاء غير مستعد ليغامر بالبلاد من أجل مصالح طغمة لا تريد الخير لهذا الشعب·· وهو متأكد تمام التأكيد من أن الأمة كلها أصبحت معنا···” صمت محمد شريف مساعدية للحظات طويلة ثم قال للدكتور عباسي مدني ”يا شيخ، هل تريد أن تسمع مني أم تسمع لما يقوله لك الوسطاء··” فابتسم الدكتور عباسي ابتسامة غامضة لكنها ابتسامة كلها ثقة وتعال، وقال مخاطبا ضيفه ”·· تفضل يا سي شريف··· اسمع منك···” فقال محمد شريف مساعدية ”إنك قاب قوسين من السلطة، لكن بشرط أن يكون إلى جانبك جزء من الصحفيين، وجزء من الإداريين، وجزء من العسكر وجزء من السياسيين الغاضبين وغير الغاضبين·· وجزء إن لم أقل كثيرا من قدامى المجاهدين·· ثم انسى الأمة·· فنفس هذه الأمة نادت بحياة الشاذلي وحياتي بأيام قبل أحداث أكتوبر ,,.88 وأثناء أحداث أكتوبر ,88 نفس الأمة راحت تصرخ الشاذلي عدو الله، ومساعدية سراق المالية··· انسى الأمة إنها معك، وفكر فقط في هؤلاء من ذكرتهم لك·· وعندئذ تكون السلطة بين يديك··”·
    *كاتب وإعلامي ، مدير صحيفتي :”الجزائر نيوز”، و”الجيري نيوز” ـ الجزائر .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 3:03