بريــق * السـعــــادهـ *
بسم الله الرحمن الرحيم
السعــادة ذلك المطلب الذي لهثت من أجله الأنفس , واشتاقت لممازجتها القلوب , ولهفت لبشاشتها المهج و الأرواح , ذلك المطلب الذي هو أمنية كل قاصد, راكبٍ أو قاعد .
السعادة ليست شيكا يصرف, ولا مركب يُمتطى , ولا قصرا يُشيد.ولا وردة تشم ,ولا نعمة تهال.ولا لذة تُنال.
إنما السعادة سلوة خاطر بحقٍ يحمله, وأنشراحُ صدرآ لمبدأ يعيشه, وراحة قلب لخير يكتنفه .
السعادة راحت البال , وصفاء النفس , غاياتٌ تسعى النفوس لتحصيلها فعجبا لهذه السعادة!! كثر طُلاّبها !!
نعم ,كثيرٌ هم باحثوا السعادة !! لكن افتراقهم في سبلهم ودروبهم التي يسعون منها لتحصيل السعادة.
السعادة في قرأن يُتلى , وقلب بالإيمانِ يُملى, وعلم بالحق يُجلى, و عبادة في الدجى.
السعادة في تقوى المؤمنين , وإحسان المتقين , وصدق الطالبين ,وقلوب الخائفين.
السعادة الخــوف من الجليــل، والعمــل بالـتنزيل، والقنـاعة بالقلــيل، والاستعداد ليوم الرحيــل.
السعادة في قلب يملؤه الإيمان , وصحة تغمره الطاعة,وفراغ يسكنه حسن التدبير واللباقه.
السعادة إشتغال المرء عن غيره بإصلاح عيوب نفسه, لأنه عرف قدر نفسه , فأشغلها بما يُصلحها في دنياها وآخرتها.
ومن عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسه .
وأسعدُ الناس نفسا وأجلهم منزلة وقدرا من جعل أنسه بالله غايةَ مراده ودل الناس عليه ونصحهم به وإليه.
لكن غلبات الطبع , وتزيين النفس والشيطان, والثقة بعفو الله , ورجاء مغفرته هي أسباب وقوع العبد في معصية الله وإن كان البعض منهم لا يريد بمعصيته لله مخالفته لسيده ولا الجرأة على محارمه ولكن بتلك الأسباب وقع في المعصية.
** وعلى كل من أراد سعادة نفسه ولذتها عليه أن يتدبر : أنَّ كمال نفسه إشتغاله بمعرفة بارئها وخالقها وفاطرها ومعبودها ,وإلاهها الحق الذي لا صلاح ولا نعيم ولا لذة إلاَّ بمعرفته وإرادة وجهه وسلوك الطريق الموصلة إليه وإلى رضاه وكرامته .فإذا اعتادت تلك النفس هذا الأمر العظيم حتى صار هيئة راسخة لازمة لها فقد نالت سعادتها المفقودة ,وضالتها المنشودة.
فأكثر الخلق إنما يسعون في حرمان نفوسهم وألمها وحسرتها ونقصه من حيث يظنون أنهم يريدون سعادتها ونعيمها وهم في الحقيقة إنّما تعلقوا بالفضائل المنفصلة عنها _ أي عن النفس _ كالملبس والمراكب والمساكن والجاه والمال , والتي هي عاريه ,أُعرتها مدة ثم تزول وتذهب فتتألم النفس وتتعذب بزوالها أو بفوات بعضها ؛وذلك بحسب تعلقها بها ولزومه لها.
ويَعظم النقص ويزداد الألم والحسرة إذا كانت هذه الفضائل المنفصلة عن النفس هي غاية كمالها وأنسها.
فتدبر هذا المعنى ثمَّ ارضَ لنفسكَ بما تشاء !!
والقلوب أوعية لما حملت ,فإذا حملت على قلبك هموم الدنيا وأثقالها,وتهاونت بأوراد ذكره , وطاعته التي هي قوْت القلب وحياته, كنت كالمسافر الذي يُحمَّل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها؛فما أسرع هلاكها قبل بلوغ مقصدك, أصبحت كمشتت العزمات هائما حايرا.
ومشتت العزمات ينفق عمره ** حيرن لا ظفر ولا إخفاقُ
**
ومن علامات سعادة العبد وفلاحه أنَّه كلما زيد في عمله, زاد من تواضعه ورحمته.
وكلما زيد في عمله زاد في خوفه , وحذره.
وكلما زيد في عمره نقص من حرصه على دنياه.
وكلما زيد في ماله زاد في سخائه وبذله.
وكلما زيد في قدره وجاهه زاد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم... وكل من خالف ذلك وجاء بالضّد فهو شقي تعيس,قد حرم نفسه بريق السعادة ولذتها.
هذا ما أرت المشاركة به سائلا المولى عزوجل التوفيق إلى الصواب, وما توفيقي إلا بالله , عليه توكلت ,وإليه متاب .
بريــق السـعــــادهـ
بريــق * السـعــــادهـ *
انااميرفوق حصاني- عضو فضي
- عدد الرسائل : 124
عدد النقاط : 5395
نقاط تقيم الاعضاء : 5
تاريخ التسجيل : 06/06/2011
رد: بريــق * السـعــــادهـ *
:سلمت يداك:
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ ..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..
دائما متميز في الانتقاء
سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك
لكـ خالص احترامي