آمنه بنت وهب ام الرسول صلى الله عليه وسلم
رشة ورد- العضوة المميزة
- تاريخ الميلاد : 11/07/1993
الدولة : اسكــــــــــــــــ الجزائــــــر ــــــــــــــــــــن وفلسطـــــــ تسكنني ـــــــــين
المزاج : AM FINE BECAUSE THERE IS NO ONE CAN CHANG MY FINE DAYS
عدد الرسائل : 3693
عدد النقاط : 14588
نقاط تقيم الاعضاء : 413
العمر : 31
الوظيفة : وراء القراية
تعاليق : One Two Three Viva L'algerie
18 - نوفمبر - 2009
تاريخ لن ينساه الشعب الجزائري
*********************
صوني عفافَك بالحجابِ حقيقة *** واستغفري عما مضى وتوسّلِ
ولباسُ تقوى الله أغلى ثمناً *** من كلّ أنواع الجواهر والحُلي
***************
أنا لستُ وحدي في قرار تحـجّبــي *** خلـفـي كثــيـرٌ يـقتـفـيـنَ مَـتــابــي
فمعي النساءُ السائراتُ على الهدى *** ومعي الحيـاءُ وفطرتـي وكتـابــي
سأظلُّ أرقــى للسمـــاوات الـعُـــلا *** وأظلُّ أحيا في هــدى المـحــرابِ
تاريخ التسجيل : 13/05/2010
بطاقة الشخصية
حقل رمي النرد:
(1/1)
آمنة بنت وهب
أم النبي صلى الله عليه وسلم
تمهيد ومناجاة:
يا أم النبي ، يا سيدة الأمهات، يا من جادت على البشرية عامة ، بوليدها الوحيد، خاتم الرسل أجمعين. أن نبينا الكريم، المصطفى- صلى الله عليه وسلم- هو الإنسان الذي حملته جنينا في أحشائها، ووضعته كما تضع كل أنثى من البشر. وقال تعالى لابنك الخالد " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا " وجعل منك أيتها الأنثى الوديعة المتواضعة، والأم الطيبة الحنونة، وموضع إجلاله واعتزازه. وحملت أجنة البشرية وهنا على وهن. وذلك الشعور الجميل الرائع الذي يشعر به ولدك محمد ، حين سئل عن أحق الناس بإكرامه فقال:" أمك ...ثم أمك ...ثم أمك...ثم أبوك"؟
آمنة بنت وهب سيدة الأمهات
هذه الشخصية العظيمة والأم الجليلة لطالما نقصت المصادر والراويات عنها ، ويمكن تلمس ملامحها من خلال صورة ابنها العظيم الذي آوته أحشاؤها، وغذاه دمها، واتصلت حياته بحياتها، لقد كان سيدنا محمد هو الأثر الجليل الذي خلفته سيدة "آمنة بنت وهب". وأن الله تعالى اختار سيدنا محمد حيث اختاره من كنانة، واختار كنانة من قريشا من العرب، فهو خيار من خيار . وما كان لها من أثر في تكوين ولدها الخالد الذي قال معتزا بأمهاته بالجاهلية : " أنا ابن العواتق من سليم".
أنـوثة وأمـومة:
عانت المرأة في الجاهلية، من صنوف الاستعباد والاستبداد، ومن وأد البنات وانتقال المرأة بالميراث من الأباء إلى زوجات الأبناء، وغيرها. إلا أننا غافلون عن أمومة آمنة بنت وهب، وعن فضلها في إنجاب خاتم النبيين- عليهم الصلاة والسلام. فمن الملوك العرب، من انتسبوا إلى أمهاتهم: كعمرو بن هند، وأبوه هو المنذر بن ماء السماء. وهناك كثير من الشعراء يمدحون كبار الرجال بأمهاتهم، وكذلك لم ينسوا أن يذكروا للمرأة مشاركتها في جليل الأحداث فقال "حذيفة
بن غانم" :
ولا تنس ما أسدى ابن " لبنى" فإنه قد أسدى يداًمحقوقة منك بالشكر
وأمك سر من خزاعة جوهر إذا حصل الأنساب يوماً ذوو الخبر
إلى سبأ الأبطال تنمى وتنتمي فأكرم بها منسوبة في ذرا الزهر
بيئة آمنــة ونشأتها:
تفتحت عينا الفتاة والأم الجليلة آمنة بنت وهب في البيت العتيق في مكة المكرمة ، في المكان الذي يسعى إليه الناس من كل فج، ملبية نداء إبراهيم " الخليل" -عليه الصلاة والسلام - في الناس بالحج، وفي ذلك المكان الطاهر المقدس وضعت السيدة " آمنة بنت وهب " سيد الخلق " محمداً " في دار " عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم" ، وبيئة آبائه وأجداده ، ودار مبعثه صلى الله عليه وسلم.
آل آمنة بنو زهرة:
تندرج "آمنة بنت وهب " من أسرة " آل زهرة " ذات الشأن العظيم، فقد كان أبوها " وهب بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي" سيد بني زهرة شرفا وحسبا ، وفيه يقول الشاعر:
يا وهب يا بن الماجد بن زهرة سُدت كلابا كلها، ابن مره
بحسبٍ زاكٍ وأمٍّ بــــرّة
ولم يكن نسب "آمنة" من جهة أمها، دون ذلك عراقة وأصالة فهي ابنة برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب"... فتجمع في نسب " آمنة" عز بني عبد مناف حسب وأصالة. ويؤكد هذه العراقة والأصالة بالنسب اعتزاز الرسول صلى الله عليه وسلم بنسبه حيث قال : " ...لم يزل الله ينقلنيمن الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا ، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما " ويقول أيضا - : " أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا " .
نسبٌ تحسب العلا بحُلاه قلدته نجومها الجوزاء
حبذا عقدُ سؤددٍ وفخار أنتَ فيه اليتيمة العصماء
" نشأة آمنة " زهرة قريش:
كان منبت سيدتنا "آمنة" وصباها في أعز بيئة، وما لها من مكانة مرموقة من حيث الأصالة النسب والحسب، والمجد السامية، فكانت تعرف " بزهرة قريش" فهي بنت بني زهرة نسبا وشرفا، فكانت محشومة ومخبآة من عيون البشر، حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها. وقيل فيها إنها عندما خطبت لعبد الله بن عبد المطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسبا وموضعا ". وكانت بشذاها العطرة تنبثق من دور بني زهرة، ولكنه ينتشر في أرجاء مكة. وقد عرفت " آمنة " في طفولتها وحداثتها ابن العم "عبد الله بن عبد المطلب" حيث إنه كان من أبناء أشرف أسر قرشي، حيث يعتبر البيت الهاشمي أقرب هذه الأسر إلى آل زهرة؛ لما لها من أواصر الود والعلاقة الحميمة التي تجمعهم بهم، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل.ولكنها حجبت منه؛ لأنها ظهرت فيها بواكر النضج، هذا جعل فتيان من أهل مكة يتسارعون إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها.
" عبد الله فتى هاشم”
لم يكن " عبد الله" بين الذين تقدموا لخطبة " زهرة قريش" مع أنه دير بأن يحظى بها، لما له من رفعة وسمعة وشرف، فهو ابن " عبد المطلب بن هاشم" وأمه" فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية" وجدة " عبد الله" لأبيه " سلمى بنت عمرو". ولكن السبب الذي يمنع " عبد الله " من التقدم إلى " آمنة" هو نذر أبيه بنحر أحد بنيه لله عند الكعبة. حيث إن عبد المطلب حين اشتغل بحفر البئر، وليس له من الولد سوى ابنه " الحارث" ، فأخذت قريش تذله، فنذر يومها، إذا ولد له عشرة من الأبناء سوف ينحر أحدهم عند الكعبة. فأنعم الله على " عبد المطلب" بعشرة أولاد وكان " عبد الله" أصغرهم.وخفق قلب كل شخص وهو ينتظر اللحظة ليسمع اسم الذبيح، وبقيت "آمنة"، لا تستطيع أن تترك بيت أبيها، ولكنها تترقب الأنباء في لهفة، وقد اختير " عبد الله " ليكون ذبيحا، ومن ثم ضرب صاحب القدح فخرج السهم على " عبدا لله" أيضا فبكت النساء، ولم يستطع "عبدا لمطلب" الوفاء بنذره؛ لأن عبد الله أحب أولاده إليه، إلى أن أشار عليهم شخص وافد من " خيبر" بأن يقربوا عشراً من الإبل ثم يضربوا القداح فإذا أصابه ، فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، فذا خرجت على الإبل فانحروها، فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم، وظلوا على هذه الحالة ينحرون عشرًا ثم يضربون القداح حتى كانت العاشرة، بعد أن ذبحوا مئة من الإبل.
عرس آمنة وعبد الله:
جاء "وهب" ليخبر ابنته عن طلب " عبد المطلب" بتزويج "آمنة " بابنه "عبد الله" فغمر الخبر مفرح نفس "آمنة" ، وبدأت سيدات آل زهرة تتوافد الواحدة تلو الأخرى لتبارك " لآمنة". وكذلك قيل بأن الفتيات كن يعترضن طريق " عبد الله"؛ لأنه اشتهر بالوسامة، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرا، حتى إنَّ أكثر من واحدة خطبته لنفسها مباشرة. وأطالت "آمنة" التفكير في فتاها الذي لم يكد يفتدى من الذبح حتى هرع إليها طالباًً يدها، زاهدا في كل أنثى سواها، غير مهتم إلى ما سمع من دواعي الإغراء! واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام ، ولكن عيناها ملأتها الدموع؛ لأنها سوف تفارق البيت الذي ترعرعت فيها، وأدرك "عبد الله" بما تشعر به، وقادها إلى رحبة الدار الواسعة. وذكر بأن البيت لم يكن كبيرا ضخم البناء، لكنه مريح لعروسين ليبدآ حياتهما.
فكان البيت ذا درج حجري يوصل إلى الباب ويفتح من الشمال، ويدخل منه إلى فناء يبلغ طوله نحو عشر أمتار في عرض ستة أمتار، وفي جداره الأيمن باب يدخل منه إلى قبة، وفي وسطها يميل إلى الحائط الغربي مقصورة من الخشب، أعدت لتكون مخدعاً للعروسين.
البشرى بمحمد:
بعد زواج " عبد الله " من " آمنة" أعرضن عنه كثير من النساء اللواتي كنَّ يخطبنه علانية ، فكانت " بنت نوفل بن أسد" من بين النساء اللواتي عرضن عن " عبد الله" ، فسأل عبد الله واحدة منهن عن سبب إعراضها عنه فقالت :" فارقك النور الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك اليوم حاجة" .
أدهش هذا الكلام " عبد الله وآمنة" وراحا يفكران في القول الذي قالته تلك المرأة؟ ولم تكف "آمنة " عن التفكير والرؤيا عنها وسبب انشغال آمنة في التفكير يرجع إلى أن هذه المرأة أخت " ورقة بن نوفل" الذي بشر بأنه سوف يكون في هذه الأمة نبي ... وبقي " عبد الله" مع عروسه أياما ، وقيل إن المدة لم تتجاوز عشرة أيام؛ لأنه يجب عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام.
العروس الأرملة آمنة:
انطلق" عبد الله " بسرعة قبل أن يتراجع عن قراره، ويستسلم لعواطفه، ومرت الأيام و"آمنة "تشعر بلوعة الفراق ، ولهفة والحنين إلى رؤيته، حتى إنها فضلت العزلة والاستسلام لذكرياتها مع " عبد الله" بدلا من أن تكون مع أهلها. ومرت الأيام شعرت خلالها " آمنة" ببوادر الحمل، وكان شعورا خفيفا لطيفا ولم تشعر فيه بأية مشقة حتى وضعته. وفي هذه الأيام كانت تراودها شكوك في سبب تأخير" عبد الله" فكانت تواسي نفسها باختلاقها الحجج والأسباب لتأخيره.
وجاءت " بركة أم أيمن" إلى "آمنة" فكانت لا تستطيع أن تخبرها بالخبر الفاجع، الذي يحطم القلب عند سماعه فكانت تخفيه في صدرها كي لا تعرفه"آمنة" ، ومن ثم أتاها أبوها ليخبرها عن " عبد الله" التي طال معها الانتظار وهي تنتظره، فيطلب منها أن تتحلى بالشجاعة ، وأن " عبد الله" قد أصيب بوعكة بسيطة، وهو الآن عند أخواله بيثرب، ولم تجد هذه المرأة العظيمة سوى التضرع والخشية وطلب الدعاء من الخالق البارئ لعله يرجع لها الغائب الذي تعبت عيناها وهي تنتظره، وفي لحظات نومها كان تراودها أجمل وأروع الأحلام والرؤى عن الجنين الذي في أحشائها، وتسمع كأن أحداًًً يبشرها بنبوءة وخبر عظيم لهذا الجنين.
وجاء الخبر المفزع من " الحارث بن عبد المطلب " ليخبر الجميع بأن " عبد الله " قد مات، أفزع هذا الخبر آمنة، فنهلت عيناها بالدموع وبكت بكاءً مراً على زوجها الغائب ، وحزن أهلها حزنا شديدا على فتى قريش عبد الله . وانهلت بالنواح عليه وبكت مكة على الشجاع القوي .
آمنة بنت وهب أم اليتيم :
نُصحت آمنةُ بنت وهبٍ بالصبر على مصابها الجلل، الذي لم يكن ليصدق عندهاً حتى إنها كانت ترفض العزاء في زوجها، ولبثت مكة وأهلها حوالي شهراً أو أكثر وهي تترقب ماذا سوف يحدث بهذه العروس الأرملة التي استسلمت لأحزانها. وطال بها التفكير بزوجها الغالي عليها ، حتى إنها توصلت للسر العظيم الذي يختفي وراء هذا الجنين اليتيم، فكانت تعلل السبب فتقول أن " عبد الله" لم يفتد من الذبح عبثا! لقد أمهله الله حتى يودعني هذا الجنين الذي تحسه يتقلب في أحشائها. والذي من أجله يجب عليها أن تعيش.وبذلك أنزل الله عز وجل الطمأنينة والسكينة في نفس " آمنة"، وأخذت تفكر بالجنين الذي وهبها الله عز وجل لحكمة بديعة، " ألم يجدك يتيما فآوى" ( الضحى 6). فوجدت " آمنة" في هذا الجنين مواساة لها عن وفاة زوجها ، ووجدت فيه من يخفف عنها أحزانها العميقة. فرح أهل مكة بخبر حمل " آمنة" وانهلوا عليها من البشائر لتهنئة "آمنة " بالخبر السعيد. وتتكرر الرؤى عند "آمنة" وسمعت كأن أحد يقولها " أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، ثم تسميه محمدا".
وجاءها المخاض فكانت وحيدة ليس معها أحد ولكنها شعرت بنور يغمرها من كل جانب، وخيل لها أن " مريم ابنة عمران"، "وآسية امرأة فرعون"، و " هاجر أم إسماعيل" كلهن بجنبها ، فأحست بالنور الذي انبثق منها ، ومن ثم وضعت وليدها كما تضع كل أنثى من البشر، وهكذا كان فقد :
ولــد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثنــــاء
الروح والملأ الملائك حــوله للدين والدنيا به بشـــراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى، والدرة العصمــاء
وهنا اكتملت فرحة " آمنة" فوليدها بجوارها، ولم تعد تشعر بالوحدة التي كانت تشعر بها من قبل. وفرح الناس وفرح الجد " عبد المطلب" بحفيده، وشكر الرب على نعمته العظيمة منشدا يقول:
الحمـــد الله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان
قد ساد في المهد على الغلمان أعيذه من شر ذي شنآن
من حسد مضطرب العنان
وسماه " محمدا" ، وسبب تسميته محمدا هو أنه يريده أن يكون محموداً في الأرض وفي السماء، ومن ثم توال القوم ليسموا أبناءهم بهذا الاسم.
وشعرت "آمنة" بأن القسم الأول والأهم قد انتهى بوضع وليدها المبشر، ورسالة أبيه قد انتهت بأن أودعه الله جنينًا في أحشائها، ولكن مهمتها بقت في أن ترعاه وتصحبه إلى يثرب ليزور قبر فقيدهما الغالي " عبد الله" . وبعد بضعة أيام جف لبن " آمنة" لما أصابها من الحزن والأسى لموت زوجها الغالي عليها فأعطته " لحليمة بنت أبي ذؤيب السعدي" حتى ترضعه، فبات عندهم حتى انتهت سنة رضاعته وأرجعته إلى "آمنة". وفي الفترة التي عاش عند "حليمة" حدثت لرسول حادثة شق الصدر التي أفزعت النفوس بها.
وفاة آمنة بنت وهب:
حان الوقت التي كانت "آمنة" تترقبه حيث بلغ محمدٌ السادسة من عمره بعد العناية الفائقة له من والدته. وظهرت عليه بوادر النضج. فصحبته إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب ولمشاهدة قبر فقيدهما الغالي، وعندما وصلت إلى قبر زوجها عكفت هناك ما يقارب شهرا كاملا ، وهي تنوح وتتذكر الأيام الخوالي التي جمعتها مع زوجها بينما "محمد" يلهو ويلعب مع أخواله.
تعبت "آمنة" في طريقها بين البلدتين إثر عاصفة حارة وقوية هبت عليهم. فشعرت "آمنة" بأن أجلها قد حان فكانت تهمس بأنها سوف تموت، ولكنها تركت غلاماً طاهراً، ثم أخذها الموت من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا. وانهلت أعين الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، فهو – بعد - لا يدرك معنى الموت .
فأخذته " أم أيمن" فضمته المسكينة إلى صدرها وأخذ تحاول أن تفهمه معنى الموت حتى يفهمه. وعاد اليتم الصغير إلى مكة حاملا في قلبه الصغير الحزن والألم ، ورأى بعينيه مشهد موت أعز الناس وأقربهم إلى قلبه؛ أمه آمنة التي يصعب عليه فراقها.
آمنة بنت وهب المرأة الخالدة
ماتت " زهرة قريش" السيدة العظيمة، ولكنها خلدت في قلب أهل مكة، وفي قلب ابنها سيد البشر ، فهي عظيمة وأم لنبينا - صلى الله عليه وسلم. وقد اختاره الله- عز وجل - واصطفاه من بين البشر جمعاء؛ ليحمل رسالة عظيمة إلى شتى أنحاء العالم وللبشر. هذا اليتيم لم يعد يتيمًا بل كفله عمه " أبو طالب" بعد وفاة جده، وكان يحبه حبا شديدا فكان يعتبره واحداً من أبنائهم، وكان ينتظره إلى أن يأتي ويتغدى الجميع بصحبة محمد المباركة ، وعلى الرغم من أن محمّدا ،، أحيط بحب زوجته " السيدة خديجة" و حنان زوج عمه" فاطمة بنت أسد"، ولكن ذكريات أمه بقيت معه في كل لحظة، ويذكر كل لحظة جميلة قضاها معها إلى لحظة موتها، حتى كان ينوح من البكاء.
وكأنه يرى ملامحها الجليلة في زوجته " خديجة" التي سكن عندها منذ أن بلغ الخامسة والعشرين من عمره. إلى أن توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. كذلك تمثلت في بناته وفي حنوه وأبوته لهن، وهاهو يقول: " الجنة تحت أقدام الأمهات "، وجعل البر بالأم مقدما على شرف الجهاد في سبيل الله والدار الآخرة، ونجد القرآن الكريم يقرن بين العبادة والإخلاص به والبر بالوالدين، " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " .
وسوف تظل صورة الأم العظيمة آمنة بنت وهبا تنتقل عبر الأجيال وسوف تظل باسمها خالدة في نفوسنا وفي أعماقنا فيقول الشاعر أحمد شوقي :
تتباهى بك العصور وتسمو بك علياء بعدها علياء
فهنيئاً به لآمنة الفضل الذي شرفت به حواء!
سلام على " آمنة بنت وهب" سيدة الأمهات ، ووالدة أعظم شخص وأحب شخص إلى نفوسنا، خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رد: آمنه بنت وهب ام الرسول صلى الله عليه وسلم
ولو أنني أوتيت كل بلاغــــــــــة *** وأفنيت بحر النطق في النظم والنثر
لما كنت بعد القول إلا مقصــــــرا *** ومعترفا بالعجز عن واجب الشكــــر
أج ــمل وأرق باقات ورودى
لردك الجميل ومرورك العطر
تــ ح ــياتيـ لكــ
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
لردك الجميل ومرورك العطر
تــ ح ــياتيـ لكــ
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
الدروس المستفادة من قصة موسي والخضر - عليهما السلام -.
فهذا هو الدرس الثاني من الدروس المستفادة من قصة موسي والخضر - عليهما السلام -، وخلاصة الدرس الأول أن الخضر - عليه السلام - نبي علي رأي جماهير العلماء واستدلوا بقوله - تبارك وتعالي -: ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ (الكهف:82) ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾: أي أنه مأمور من قِبل الله - تبارك وتعالي - بما يفعل، قالوا: وهذا لا يكون إلا نبي.
قال الإمام العلم أبو الحسين بن المنادي - رحمه الله تعالي -: إثبات أن الخضر نبي أول عقدة تُحَلُ من الزندقة، أي بإثباتنا أن الخضر - عليه السلام - نبي هذه أول عقدة تُحَلُ من حبل الزندقة الطويل، لأن الزنادقة كما
قال الحافظ بن حجر - رحمه الله -: يقولون: إن الخضر ولي وينشد منشدهم في ذلك قائلًا:
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
أي أن مقام الولاية أعلى من مقام النبوة والرسالة، فالذي يصفونه بأنه ولي هو أعلي عندهم من النبي ومن الرسول.
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
فويق الرسول: أي فوقه بقليل.
إذًا علي حسب ترتيبهم الولي، ثم النبي، ثم الرسول ولو عكسوها لكان أولي الرسول، ثم النبي، ثم الولي. فإثبات أن الخضر - عليه السلام - نبي أول عقدة تُحَلُ من الزندقة.
المسألة الأخرى: وهي من نصيب خطبة اليوم، هل الخضر - عليه السلام - حي أم مات ؟!
والذي يجرني إلي هذا البحث وأنني أثبته بكل ممكن أن كثيرًا من الجهال الخارجين علي الشريعة، أو الذين تعلقوا منها بحبل واهٍ يشبه خيط العنكبوت يزعم أحدهم أنه قابل الخضر فيقول: أوصاني الخضر، وأفتاني الخضر وأرشدني الخضر ويقسم أنه رأي الخضر وأنه كلمه، ويحتج ببعض.. ...لبعض علمائنا كابن الصلاح والنووي وغيرهما أن الخضر حي، وأن كثيرًا من العارفين رأوه وكلموه كِفاحًا بغير تُرجمان، أقوي ما تعلقوا به في هذا المجال ما رواه الطبراني وغيره بسند ضعيف فيه مجاهيل كما قال بن كثير - رحمه الله - أن النبي قال لأصحابه: " ألا أنبئكم بالخضر ؟! كان رجل من بني إسرائيل مر علي الخضر فسأله شيئًا لوجه الله، فقال له الخضر: إن الله قادر أن يعطيك كذا وكذا ما عندي شيء، فقال: سألتك بالله أن تعطيني شيئًا، فقال: ما عندي من شيء أعطيكه، ولكني أستحي أن تسألني بالله شيئًا وأرده خذني فبعني في السوق، وأقبض ثمني وأنفقه، قال: وكيف أخذك يا عبد الله وأنت كذا وكذا ؟! قال: إنك سألتني بمن لا يرد خذني فبعني. فأخذه فباعه بأربعمائة درهم فاشتره هذا الرجل ورآه شيخًا كبيرًا فانيًا لا يصلح للعمل فقال له الخضر يومًا: كلفني بشيء، قال: إني أشفق عليك وقد رأيتك شيخًا كبيرًا فانيًا أن أكلفك بما لا تطيق، قال: بل كلفني " وهو لا يدري أنه الخضر، " قال: فانقل هذه الحجارة، وكانت حجارة عظيمة ريثما أذهب إلي السوق " فهذه الحجارة ما كان يحملها أقل من ستة نفر، وذهب الرجل إلي السوق ورجع فلم يجد حجرًا واحدًا فتعجب، " وقال: شققنا عليك أيها الشيخ، قال: لم تكلف كثيرًا، قال: فإني علي سفر أُخلفني في أهلي حسني قال له: ألا كلفتني بشيء ؟ قال: إنك شيخ كبير وأخشي أن أشق عليك قال: لا، بل كلفني، قال: أضرب لي اللبن " أي يضرب طوب " حتى أبني داري " وذهب الرجل ورجع فوجده ضرب الطوب وبني البيت وهيأه، فأول ما رآه تعجب " وقال: سألتك بالله، من أنت ؟! قال: بهذا دخلت العبودية " أي أنه صار عبدًا لمثل هذا الرجل لأنه سئل بالله فلم يقدر أن يرد هذا الرجل فباعه " قال: وأنت تسألني بالله أيضًا، قال: سألتك بالله، من تكون ؟! قال: أنا الخضر. قال: نبي الله ؟! قال: نعم. قال له: أخيرك بين أن تكون حرًا وبين أن تكون في ضيافتي، قال: بل دعني فأعتقه " هذا من أمثل ما يحتجون به وكما قدمت أنه ضعيف، فإذا كان أقوي ما عندهم ضعيف، فما بالك بالذي بعده ؟! لا شك أنه شر منه ثم لو فرضنا أنه صحيح.
ما وجه الدلالة علي القضية المتنازع فيها ؟ نحن الآن بصدد إثبات، هل الخضر حي أيام بعثة النبي أم لا ؟! هذا هو البحث، فأين في هذه القصة علي طولها من الدلالة ما يثبت هذا البحث ؟! والنبي يقول: " كان في بني إسرائيل ". نحن نعلم أن الخضر صاحب موسي - عليهما السلام - وكلاهما كانا في بني إسرائيل إذًا لو صحت هذه القصة لم يكن فيها متعلق بالوضع المتنازع عليه، إذًا، ما هي حجتهم ؟! حكايات ورئي أن أحد الصالحين قال: رأيت الخضر، وكلمني الخضر، وحدثني الخضر، وأفتاني الخضر، ليس عندهم أكثر من هذا, كل الأحاديث التي يحتجون بها فأجمع علماء الحديث وهم أهل الفصل في هذا الباب أن كلها أحاديث مكذوبة، موضوعة، مفترات علي النبي ، وأوردها ابن الجوزي في كتاب الموضوعات وشدد النكير علي واضعيها ليس في يديهم شيء.
ما القول الصحيح في المسألة ؟! أنه مات، ما الدليل علي أنه مات ؟! إننا نتهم بهذه المسألة لا نقاتل طواحين الهواء بإثبات أن الخضر مات، فإنا من وراء إثبات موت الخضر إنقاذ لعشرات المئات بل الألوف من المغفلين الذين يأخذون دينهم من هؤلاء الشياطين الذين يتمثلون بصورة الإنسي فيأخذون منهم الفتوى، إذًا لماذا جاء النبي ؟! إذا كنت تأخذ فتواك من الخضر، ما وضع النبي بالنسبة لك ؟! لقد قال النبي ورأي في يد عمر بن الخطاب - رضي الله - عنه ورقة كما رواه أحمد في مسنده من حديث جابر قال: " ما هذا يا عمر ؟! قال: ورقة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود " صفحة من التوراة يقرأها عمر " فغضب النبي وقال: أمتهوفون أنتم يا ابن الخطاب ؟! أمتحيرون لقد جئتكم بها بيضاء ناصعة، والله لو كان موسي حيًا ما وسعه إلا إتباعي " يتبعون الخضر ! هذا لو سلمنا أنه موجود لو سلمنا أنه حي.
كيف يتبع ؟!، وكيف تؤخذ منه الفتوى ؟! وموسي - عليه السلام - بإجماع الخلق أجل من الخضر لاشك في ذلك، ولو كان موسي حيًا ما وسعه إلا إتباع النبي ، أيتبع الخضر المشكوك في حياته ؟! بل المقطوع بأنه مات إن في إثبات أن الخضر مات حل لعقدة الزندقة الأخرى التي يعيش عليها ألوف المغفلين إن الخضر مات لاشك في ذلك والدليل علي ذلك أربعة أشياء.
الأدلة علي أن الخضر قد مات:
القرآن، والسنة، وإجماع المحققين، والمعقول.
أولًا: القرآن: فقد قال الله - تبارك وتعالي - للنبي : ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾ (الأنبياء:34) ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن كتبنا عليك الموت مع جلالتك، وقربك منا، واصطفائنا لك وأنت سيد ولد آدم ولا فخر، وأنت أول من يهز حِلق الجنة، وأنت أول من تنشق عنه الأرض، وأنت أول من يدخل الجنة من النبيين بل من الخلق وأنت أول شافع ومشفع أفإن مت فهم ولم تتوافر لهم هذه الصفات فهم الخالدون
نحن نسأل الخضر بشر أم جني ؟ لا يشك أحد أنه بشر فإن كان من البشر شملته عموم الآية لا شك في ذلك عند جميع العلماء، ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ ﴾ إن كان من البشر شملته الآية ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ (الأنبياء: 34،35) ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ ولفظة (كل)عند العلماء تفيد العموم، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ ولم يخرج عن هذا العموم في الدنيا إلا إبليس وعيسي - عليه السلام - بدلالة النص الخاص بكل منهما، ولو أخذنا الآية علي جميع أفرادها وجميع زمانها يكون الكل فان.
الدليل الثاني: أيضًا من الكتاب المنزل ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ (آل عمران:81)، الخضر نبي ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ﴾ فلاشك أن الخضر داخل في الجملة لا نعلم في حديث صحيح ولا حسن، ولا ضعيف ضعفًا منجبر أن الخضر جاء إلي النبي وآمن به وصدقه، وجاهد معه، فأين كان ؟!، وقد أخذ الله الميثاق علي جميع الأنبياء الذين يأتي النبي وهم أنبياء أخذ عليهم الميثاق أنه إذا ظهر هذا النبي الخاتم أنه يجب عليهم أن يأتوه، وأن يعذروه، وأن ينصروه فإن كان الخضر حيًا، فأين كان ؟! أليس هذا من الطعن في الخضر ؟!، وأنه خالف ميثاق الله ولم يجئ لنصرة النبي أليس القول ببقائه من باب الطعن فيه ؟! بلي، هذا من الكتاب وبه احتج ابن الجوزي - رحمه الله - علي أن الخضر مات.
الدليل الثاني: السنة المطهرة: وبها احتج الإمام البخاري - رحمه الله - علي موت الخضر أن النبي وقد روي أصحاب الصحاح هذا الحديث من حديث ابن عمر وأبي سعيد ألخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهم -، وكلها موجودة في صحيح مسلم، وبعضها في صحيح البخاري أن النبي قال قبل أن يموت بشهر واحد، وهذا وقع في رواية جابر هذا التحديد وقع في رواية جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال قبل أن يموت بشهر واحد: " أرأيتكم ليلتكم هذه ليس علي ظهر الأرض أحد ممن هو عليها اليوم بعد مائة عام "، يقول -: بدءًا من هذه الليلة جميع الموجودين علي الكرة الأرضية بعد مائة عام لا يكون أحد منهم حي هذا هو معني الحديث، وفي اللفظ الآخر " ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي علي ظهر الأرض حية يوم إذاً "، الخضر يعيش علي الأرض ؟! العجيب أن الذين ردوا هذا الحديث قالوا: أن الخضر يعيش في البحر فلذلك الحديث لا يشمله، وهذا من المضحك المبكي الموجع.
هل معك دليل أنه في البحر ؟!، ولما لم تقول أنه في السماء ؟! أليس من المضحك أن تُرد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا الباطل الذي لا يعجز عنه أحد ؟! كل إنسان يستطيع أن يبطل دلالة القرآن الكريم، والسنة المنزلة بمثل هذه الأقوال, نحن نأتيكم بأدلة ناصعة كالشمس في رابعة النهار ونؤصل أدلتنا، ونسندها، ونصححها.
فهلا أدرجتم لنا دليلًا واحدًا ارتقيتم به إلي النبي في مواجهة الأدلة التي نأتي بها ؟!، ما عندهم شيء قالوا: هو في البحر، لو أن الحديث قال: في البحر لقالوا: هو في الأرض، لو أن الحديث قال: في البحر والأرض لقالوا: في السماء، فهم لابد أن يأتوا بجهة ليست موجودة في الحديث استدل به الإمام البخاري علي أن الخضر لو سلمنا جدلًا أنه كان موجودًا في زمان النبي فبدلالة هذا الحديث هو ميت لا محالة بعد مائة عام يستحيل أن يكون موجودًا بعد مائة عام. فالذين يقولون بعد المائة الأولي رأينا الخضر، وسمعنا الخضر، وكلمنا الخضر كذبة.
إن المحققين كالإمام مسلم وغيره استدلوا بهذا الحديث علي انقطاع الصحبة بعد مائة عام، ما معني هذا الكلام ؟! قال النبي هذا الحديث سنة عشر، فإذا اعتبرت أنه بعد مائة عام من هذه المقالة لا يوجد أحد ممن يعيش علي ظهر الأرض نقطع أن الصحابة جميعًا سيكونون قد ماتوا، قالها سنة عشر وكان آخر صحابي مات كما قال مسلم هو أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة وعشر ,وهذا تصديق للحديث أنه لا يوجد أحد بعد مائة عام من هذه المقالة، لذلك أدعي جماعة بعد ذلك الصحبة بعد سنة مائة وعشر يقول: أنا رأيت النبي فيبادر أهل العلم إلي تكذيبه، يقولون: لست صحابي ولم تره لأن النبي قال: " ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي علي ظهر الأرض حية يومئذ " مائة وعشر مات أبو الطفيل أخر صحابي وهو يطبق الحديث فلو سلمنا جدلًا أن الخضر حي فهو بعد سنة مائة وعشر يستحيل أن يكون حيًا، هذا دليل من السنة.
دليل آخر:لو كان الخضر موجودًا ففي غزوة بدر لما جأر النبي إلي ربه وقد رأي أصحابه ضعاف أذلة يقتسمون التمرات, وحالة الفقر عليهم ظاهرة مشردون ثم أنهم، سيقابلون من ؟! عتاة قريش الذين خرجوا لأجل الحرب، وهؤلاء ما خرجوا لأجل الحرب ما عندهم استعداد نظر إليهم ورثي لحالهم وقال: " اللهم نصرك الذي وعدت اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " وقد أتفق العلماء أن عدة من كان موجودًا من الصحابة يوم بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلًا معروفون بأسمائهم الذين يطلق عليهم العلماء البدريون، وهم غرة في جبين الإسلام والمسلمين حسبهم أن النبي قال: " لعل الله أطلع إلي أهل بدر فقال: أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "، وأن النبي قال: " لا يدخل النار أحدًا شهد بدرًا والحديبية "، وأن حاطب بن أبي بلتعة كان يقسو علي غلامه ويضربه فذهب الغلام يشكيه إلي النبي وكان حاطب ممن شهد بدرًا فقال غلام حاطب للنبي : " والله يا رسول ليدخلن حاطب النار " أي بقسوته علي، فقال النبي : " كذبت لقد شهد بدرًا ". هؤلاء البدريون الذين ينسب إلي هذه الغزوة المباركة من شهدها فيقال أبو مسعود ألبدري، ولا يقال فلان ألأحدي، ولا ألخندقي، ولا التبوكي، ولا ألرضواني ما ينسب أحد إلي غزوة قط إلا إلي بدر لجلالها وشرفها، لذلك حصر العلماء من كان فيها , فإن كان الخضر حيًا أكان ممن يعبدون الله أم لا ؟! لاشك أنه ممن يعبدون الله، فكيف قال النبي : " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " ؟! بلي يستثني خضرًا ولا غيره فهذا دليل دلالة قاطعة أن الخضر غير موجود، هذا من السنة.
الدليل الثالث: إجماع المحققين: قال الإمام أحمد بن حنبل: ما ألقي هذا بين الناس إلا الشيطان، وتلا قال الإمام أبو إسحاق الحربي صاحب الغريب
وغيرة، وتلا قال أبو الحسين بن المنادي، والإمام البخاري، وابن الجوزي وابن كثير، وابن تيمية، وتلا قال الإمام الحافظ بن حجر في آخرين يقوم المقام بذكرهم هؤلاء أجمعوا وأنا لذلك قلت إجماع المحققين، ولم أقل إجماع الأمة حتى لا يقول قائل: النووي - رحمه الله - يقول: أنه حي إجماع العلماء المحققين أن الخضر مات، أما المعقول فنعرض له إن شاء الله - تبارك وتعالي - بعد جلسة
الدليل الرابع: المعقول. أما المعقول فمن أوجه .
الوجه الأول: أنهم أي الذين أدعوا أنه حي زعموا أنه من ولد آدم لصلبه أي أنه من صلب آدم.
انتهي الدرس الثاني
فهذا هو الدرس الثاني من الدروس المستفادة من قصة موسي والخضر - عليهما السلام -، وخلاصة الدرس الأول أن الخضر - عليه السلام - نبي علي رأي جماهير العلماء واستدلوا بقوله - تبارك وتعالي -: ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ (الكهف:82) ﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾: أي أنه مأمور من قِبل الله - تبارك وتعالي - بما يفعل، قالوا: وهذا لا يكون إلا نبي.
قال الإمام العلم أبو الحسين بن المنادي - رحمه الله تعالي -: إثبات أن الخضر نبي أول عقدة تُحَلُ من الزندقة، أي بإثباتنا أن الخضر - عليه السلام - نبي هذه أول عقدة تُحَلُ من حبل الزندقة الطويل، لأن الزنادقة كما
قال الحافظ بن حجر - رحمه الله -: يقولون: إن الخضر ولي وينشد منشدهم في ذلك قائلًا:
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
أي أن مقام الولاية أعلى من مقام النبوة والرسالة، فالذي يصفونه بأنه ولي هو أعلي عندهم من النبي ومن الرسول.
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
فويق الرسول: أي فوقه بقليل.
إذًا علي حسب ترتيبهم الولي، ثم النبي، ثم الرسول ولو عكسوها لكان أولي الرسول، ثم النبي، ثم الولي. فإثبات أن الخضر - عليه السلام - نبي أول عقدة تُحَلُ من الزندقة.
المسألة الأخرى: وهي من نصيب خطبة اليوم، هل الخضر - عليه السلام - حي أم مات ؟!
والذي يجرني إلي هذا البحث وأنني أثبته بكل ممكن أن كثيرًا من الجهال الخارجين علي الشريعة، أو الذين تعلقوا منها بحبل واهٍ يشبه خيط العنكبوت يزعم أحدهم أنه قابل الخضر فيقول: أوصاني الخضر، وأفتاني الخضر وأرشدني الخضر ويقسم أنه رأي الخضر وأنه كلمه، ويحتج ببعض.. ...لبعض علمائنا كابن الصلاح والنووي وغيرهما أن الخضر حي، وأن كثيرًا من العارفين رأوه وكلموه كِفاحًا بغير تُرجمان، أقوي ما تعلقوا به في هذا المجال ما رواه الطبراني وغيره بسند ضعيف فيه مجاهيل كما قال بن كثير - رحمه الله - أن النبي قال لأصحابه: " ألا أنبئكم بالخضر ؟! كان رجل من بني إسرائيل مر علي الخضر فسأله شيئًا لوجه الله، فقال له الخضر: إن الله قادر أن يعطيك كذا وكذا ما عندي شيء، فقال: سألتك بالله أن تعطيني شيئًا، فقال: ما عندي من شيء أعطيكه، ولكني أستحي أن تسألني بالله شيئًا وأرده خذني فبعني في السوق، وأقبض ثمني وأنفقه، قال: وكيف أخذك يا عبد الله وأنت كذا وكذا ؟! قال: إنك سألتني بمن لا يرد خذني فبعني. فأخذه فباعه بأربعمائة درهم فاشتره هذا الرجل ورآه شيخًا كبيرًا فانيًا لا يصلح للعمل فقال له الخضر يومًا: كلفني بشيء، قال: إني أشفق عليك وقد رأيتك شيخًا كبيرًا فانيًا أن أكلفك بما لا تطيق، قال: بل كلفني " وهو لا يدري أنه الخضر، " قال: فانقل هذه الحجارة، وكانت حجارة عظيمة ريثما أذهب إلي السوق " فهذه الحجارة ما كان يحملها أقل من ستة نفر، وذهب الرجل إلي السوق ورجع فلم يجد حجرًا واحدًا فتعجب، " وقال: شققنا عليك أيها الشيخ، قال: لم تكلف كثيرًا، قال: فإني علي سفر أُخلفني في أهلي حسني قال له: ألا كلفتني بشيء ؟ قال: إنك شيخ كبير وأخشي أن أشق عليك قال: لا، بل كلفني، قال: أضرب لي اللبن " أي يضرب طوب " حتى أبني داري " وذهب الرجل ورجع فوجده ضرب الطوب وبني البيت وهيأه، فأول ما رآه تعجب " وقال: سألتك بالله، من أنت ؟! قال: بهذا دخلت العبودية " أي أنه صار عبدًا لمثل هذا الرجل لأنه سئل بالله فلم يقدر أن يرد هذا الرجل فباعه " قال: وأنت تسألني بالله أيضًا، قال: سألتك بالله، من تكون ؟! قال: أنا الخضر. قال: نبي الله ؟! قال: نعم. قال له: أخيرك بين أن تكون حرًا وبين أن تكون في ضيافتي، قال: بل دعني فأعتقه " هذا من أمثل ما يحتجون به وكما قدمت أنه ضعيف، فإذا كان أقوي ما عندهم ضعيف، فما بالك بالذي بعده ؟! لا شك أنه شر منه ثم لو فرضنا أنه صحيح.
ما وجه الدلالة علي القضية المتنازع فيها ؟ نحن الآن بصدد إثبات، هل الخضر حي أيام بعثة النبي أم لا ؟! هذا هو البحث، فأين في هذه القصة علي طولها من الدلالة ما يثبت هذا البحث ؟! والنبي يقول: " كان في بني إسرائيل ". نحن نعلم أن الخضر صاحب موسي - عليهما السلام - وكلاهما كانا في بني إسرائيل إذًا لو صحت هذه القصة لم يكن فيها متعلق بالوضع المتنازع عليه، إذًا، ما هي حجتهم ؟! حكايات ورئي أن أحد الصالحين قال: رأيت الخضر، وكلمني الخضر، وحدثني الخضر، وأفتاني الخضر، ليس عندهم أكثر من هذا, كل الأحاديث التي يحتجون بها فأجمع علماء الحديث وهم أهل الفصل في هذا الباب أن كلها أحاديث مكذوبة، موضوعة، مفترات علي النبي ، وأوردها ابن الجوزي في كتاب الموضوعات وشدد النكير علي واضعيها ليس في يديهم شيء.
ما القول الصحيح في المسألة ؟! أنه مات، ما الدليل علي أنه مات ؟! إننا نتهم بهذه المسألة لا نقاتل طواحين الهواء بإثبات أن الخضر مات، فإنا من وراء إثبات موت الخضر إنقاذ لعشرات المئات بل الألوف من المغفلين الذين يأخذون دينهم من هؤلاء الشياطين الذين يتمثلون بصورة الإنسي فيأخذون منهم الفتوى، إذًا لماذا جاء النبي ؟! إذا كنت تأخذ فتواك من الخضر، ما وضع النبي بالنسبة لك ؟! لقد قال النبي ورأي في يد عمر بن الخطاب - رضي الله - عنه ورقة كما رواه أحمد في مسنده من حديث جابر قال: " ما هذا يا عمر ؟! قال: ورقة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود " صفحة من التوراة يقرأها عمر " فغضب النبي وقال: أمتهوفون أنتم يا ابن الخطاب ؟! أمتحيرون لقد جئتكم بها بيضاء ناصعة، والله لو كان موسي حيًا ما وسعه إلا إتباعي " يتبعون الخضر ! هذا لو سلمنا أنه موجود لو سلمنا أنه حي.
كيف يتبع ؟!، وكيف تؤخذ منه الفتوى ؟! وموسي - عليه السلام - بإجماع الخلق أجل من الخضر لاشك في ذلك، ولو كان موسي حيًا ما وسعه إلا إتباع النبي ، أيتبع الخضر المشكوك في حياته ؟! بل المقطوع بأنه مات إن في إثبات أن الخضر مات حل لعقدة الزندقة الأخرى التي يعيش عليها ألوف المغفلين إن الخضر مات لاشك في ذلك والدليل علي ذلك أربعة أشياء.
الأدلة علي أن الخضر قد مات:
القرآن، والسنة، وإجماع المحققين، والمعقول.
أولًا: القرآن: فقد قال الله - تبارك وتعالي - للنبي : ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾ (الأنبياء:34) ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن كتبنا عليك الموت مع جلالتك، وقربك منا، واصطفائنا لك وأنت سيد ولد آدم ولا فخر، وأنت أول من يهز حِلق الجنة، وأنت أول من تنشق عنه الأرض، وأنت أول من يدخل الجنة من النبيين بل من الخلق وأنت أول شافع ومشفع أفإن مت فهم ولم تتوافر لهم هذه الصفات فهم الخالدون
نحن نسأل الخضر بشر أم جني ؟ لا يشك أحد أنه بشر فإن كان من البشر شملته عموم الآية لا شك في ذلك عند جميع العلماء، ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ ﴾ إن كان من البشر شملته الآية ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ (الأنبياء: 34،35) ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ ولفظة (كل)عند العلماء تفيد العموم، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ ولم يخرج عن هذا العموم في الدنيا إلا إبليس وعيسي - عليه السلام - بدلالة النص الخاص بكل منهما، ولو أخذنا الآية علي جميع أفرادها وجميع زمانها يكون الكل فان.
الدليل الثاني: أيضًا من الكتاب المنزل ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ (آل عمران:81)، الخضر نبي ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ﴾ فلاشك أن الخضر داخل في الجملة لا نعلم في حديث صحيح ولا حسن، ولا ضعيف ضعفًا منجبر أن الخضر جاء إلي النبي وآمن به وصدقه، وجاهد معه، فأين كان ؟!، وقد أخذ الله الميثاق علي جميع الأنبياء الذين يأتي النبي وهم أنبياء أخذ عليهم الميثاق أنه إذا ظهر هذا النبي الخاتم أنه يجب عليهم أن يأتوه، وأن يعذروه، وأن ينصروه فإن كان الخضر حيًا، فأين كان ؟! أليس هذا من الطعن في الخضر ؟!، وأنه خالف ميثاق الله ولم يجئ لنصرة النبي أليس القول ببقائه من باب الطعن فيه ؟! بلي، هذا من الكتاب وبه احتج ابن الجوزي - رحمه الله - علي أن الخضر مات.
الدليل الثاني: السنة المطهرة: وبها احتج الإمام البخاري - رحمه الله - علي موت الخضر أن النبي وقد روي أصحاب الصحاح هذا الحديث من حديث ابن عمر وأبي سعيد ألخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهم -، وكلها موجودة في صحيح مسلم، وبعضها في صحيح البخاري أن النبي قال قبل أن يموت بشهر واحد، وهذا وقع في رواية جابر هذا التحديد وقع في رواية جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال قبل أن يموت بشهر واحد: " أرأيتكم ليلتكم هذه ليس علي ظهر الأرض أحد ممن هو عليها اليوم بعد مائة عام "، يقول -: بدءًا من هذه الليلة جميع الموجودين علي الكرة الأرضية بعد مائة عام لا يكون أحد منهم حي هذا هو معني الحديث، وفي اللفظ الآخر " ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي علي ظهر الأرض حية يوم إذاً "، الخضر يعيش علي الأرض ؟! العجيب أن الذين ردوا هذا الحديث قالوا: أن الخضر يعيش في البحر فلذلك الحديث لا يشمله، وهذا من المضحك المبكي الموجع.
هل معك دليل أنه في البحر ؟!، ولما لم تقول أنه في السماء ؟! أليس من المضحك أن تُرد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا الباطل الذي لا يعجز عنه أحد ؟! كل إنسان يستطيع أن يبطل دلالة القرآن الكريم، والسنة المنزلة بمثل هذه الأقوال, نحن نأتيكم بأدلة ناصعة كالشمس في رابعة النهار ونؤصل أدلتنا، ونسندها، ونصححها.
فهلا أدرجتم لنا دليلًا واحدًا ارتقيتم به إلي النبي في مواجهة الأدلة التي نأتي بها ؟!، ما عندهم شيء قالوا: هو في البحر، لو أن الحديث قال: في البحر لقالوا: هو في الأرض، لو أن الحديث قال: في البحر والأرض لقالوا: في السماء، فهم لابد أن يأتوا بجهة ليست موجودة في الحديث استدل به الإمام البخاري علي أن الخضر لو سلمنا جدلًا أنه كان موجودًا في زمان النبي فبدلالة هذا الحديث هو ميت لا محالة بعد مائة عام يستحيل أن يكون موجودًا بعد مائة عام. فالذين يقولون بعد المائة الأولي رأينا الخضر، وسمعنا الخضر، وكلمنا الخضر كذبة.
إن المحققين كالإمام مسلم وغيره استدلوا بهذا الحديث علي انقطاع الصحبة بعد مائة عام، ما معني هذا الكلام ؟! قال النبي هذا الحديث سنة عشر، فإذا اعتبرت أنه بعد مائة عام من هذه المقالة لا يوجد أحد ممن يعيش علي ظهر الأرض نقطع أن الصحابة جميعًا سيكونون قد ماتوا، قالها سنة عشر وكان آخر صحابي مات كما قال مسلم هو أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة وعشر ,وهذا تصديق للحديث أنه لا يوجد أحد بعد مائة عام من هذه المقالة، لذلك أدعي جماعة بعد ذلك الصحبة بعد سنة مائة وعشر يقول: أنا رأيت النبي فيبادر أهل العلم إلي تكذيبه، يقولون: لست صحابي ولم تره لأن النبي قال: " ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي علي ظهر الأرض حية يومئذ " مائة وعشر مات أبو الطفيل أخر صحابي وهو يطبق الحديث فلو سلمنا جدلًا أن الخضر حي فهو بعد سنة مائة وعشر يستحيل أن يكون حيًا، هذا دليل من السنة.
دليل آخر:لو كان الخضر موجودًا ففي غزوة بدر لما جأر النبي إلي ربه وقد رأي أصحابه ضعاف أذلة يقتسمون التمرات, وحالة الفقر عليهم ظاهرة مشردون ثم أنهم، سيقابلون من ؟! عتاة قريش الذين خرجوا لأجل الحرب، وهؤلاء ما خرجوا لأجل الحرب ما عندهم استعداد نظر إليهم ورثي لحالهم وقال: " اللهم نصرك الذي وعدت اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " وقد أتفق العلماء أن عدة من كان موجودًا من الصحابة يوم بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلًا معروفون بأسمائهم الذين يطلق عليهم العلماء البدريون، وهم غرة في جبين الإسلام والمسلمين حسبهم أن النبي قال: " لعل الله أطلع إلي أهل بدر فقال: أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "، وأن النبي قال: " لا يدخل النار أحدًا شهد بدرًا والحديبية "، وأن حاطب بن أبي بلتعة كان يقسو علي غلامه ويضربه فذهب الغلام يشكيه إلي النبي وكان حاطب ممن شهد بدرًا فقال غلام حاطب للنبي : " والله يا رسول ليدخلن حاطب النار " أي بقسوته علي، فقال النبي : " كذبت لقد شهد بدرًا ". هؤلاء البدريون الذين ينسب إلي هذه الغزوة المباركة من شهدها فيقال أبو مسعود ألبدري، ولا يقال فلان ألأحدي، ولا ألخندقي، ولا التبوكي، ولا ألرضواني ما ينسب أحد إلي غزوة قط إلا إلي بدر لجلالها وشرفها، لذلك حصر العلماء من كان فيها , فإن كان الخضر حيًا أكان ممن يعبدون الله أم لا ؟! لاشك أنه ممن يعبدون الله، فكيف قال النبي : " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " ؟! بلي يستثني خضرًا ولا غيره فهذا دليل دلالة قاطعة أن الخضر غير موجود، هذا من السنة.
الدليل الثالث: إجماع المحققين: قال الإمام أحمد بن حنبل: ما ألقي هذا بين الناس إلا الشيطان، وتلا قال الإمام أبو إسحاق الحربي صاحب الغريب
وغيرة، وتلا قال أبو الحسين بن المنادي، والإمام البخاري، وابن الجوزي وابن كثير، وابن تيمية، وتلا قال الإمام الحافظ بن حجر في آخرين يقوم المقام بذكرهم هؤلاء أجمعوا وأنا لذلك قلت إجماع المحققين، ولم أقل إجماع الأمة حتى لا يقول قائل: النووي - رحمه الله - يقول: أنه حي إجماع العلماء المحققين أن الخضر مات، أما المعقول فنعرض له إن شاء الله - تبارك وتعالي - بعد جلسة
الدليل الرابع: المعقول. أما المعقول فمن أوجه .
الوجه الأول: أنهم أي الذين أدعوا أنه حي زعموا أنه من ولد آدم لصلبه أي أنه من صلب آدم.
انتهي الدرس الثاني