السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا رابط لموقع أعجبني كثيرا و أتمنى من الجميع أن يشارك و أن لا يبخل على ذلك
أدخلوا جميعا و صلوا على النبي صلى الله عليه و سلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
موقع حملة المليار صلاة على الرسول صلى الله عليه و سلم
¨°o.O (ملكة باخلاقي) O.- مشرفة
- تاريخ الميلاد : 08/07/1992
الدولة : الجزائر
الولاية : تبسة
المزاج : متفائلة للحياة
عدد الرسائل : 637
عدد النقاط : 6544
نقاط تقيم الاعضاء : 81
العمر : 32
الوظيفة : طالبة
تعاليق : عَفَوّتُ ولم أَحْقـد عَلى أَحَـدٍ
أَرَحْتُ نَفسِي من هَمْ العَـدَاواتْ
إِنْي أُحَيّيِ عَـدُوِّي عِنْدَ رُؤيَتِـه
لأَدْفَـعَ الشَّـر عَنِّي بالتَحِيَّـاتْ
وَأَظْهَـر البَشَر للإِنْسان أَبْغَضَـهُ
كَمَا إن قَدْ حَشَى قَلْبِي مَحَبَّـاتْ
تاريخ التسجيل : 01/02/2011
بطاقة الشخصية
حقل رمي النرد:
(1/1)
رد: موقع حملة المليار صلاة على الرسول صلى الله عليه و سلم
بوركت أختاه ان شاء الله كل يوم ندخل لهدا الموقع
اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد
بارك الله فيكم منورين
وكنا أنهينا بعون الله تعالي إلي وصول موسي - عليه السلام - إلي الخضر فلما رآه موسي وعرفه بالعلامات التي علمها الله له كامتلاك الحوت في البحر﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانْطَلَقَا ﴾ (الكهف:66،71)
هذه الآيات تشتمل علي آداب طالب العلم: إن الآفة التي يعاني المسلمون منها أنهم لا يعرفون لعلمائهم حقهم، ولا يوقرونهم بدعوي نحن رجال وهم رجال.
مما يدل علي عدم توقير العلماء: لدرجة أنني رأيت موقفًا غريبًا جدًا كنت أنا أحد الأطراف فيه شاب ممن يكفر جماعة المسلمون بارتكاب المعاصي، والذين أطلقوا علهم التكفير قلت له في مسألة ما: قال ابن عباس: كذا وكذا قال: هم رجال ونحن رجال أنا أقول لك: قال ابن عباس، لا أقول لك: قال الشافعي، ولا أحمد ولا البخاري، ولا مسلم، ولا إسحاق برغم أنني لو قلت هذه الأسماء لوجب عليك أن تنصاع، لأنهم أئمة علي نقلهم نصلي، قال: هم رجال ونحن رجال أي نعم إن كنت تقصد هم رجال ونحن رجال في الذكورة أنا أقر بهذا أنت ذكر وهو ذكر، لك شارب وله شارب، لك لحية وله لحية، إن كانت الذكورة التي تعنيها هذه المواصفات أنا لا أختلف معك، إنما إن كانت الذكورة هي العقل ورجاحته والتقوى ورجاحتها فأنا أختلف معك ولا يختلف أي عاقل ابن عباس الذي قال النبي rفيه: " اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل " قال لي: ومن يدريك أن دعوة النبي استجيبت ؟! سبحان ربي ! قال الله لعباده جميعًا: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ (البقرة:186) فتكفل الله بمقتضي هذه الآية أنه إذا دعي أي رجل أية دعوة أنه يستجيب له، ما لم يكن بظلم أو قطيعة رحم، فإن كان الله يستجيب لآحاد الناس، ألا يستجيب لنبيه ؟! هم رجال نعم نحن لا ندانيهم ولا يزن الواحد منا مسمارًا في نعل واحد منهم كيف وقد فتحوا الدنيا ونصروا الدين علي أكتافهم ؟! ونحن متخاذلون حياتنا بدع كانوا في القديم حياتهم بين بدعة وسنة كان هناك بدع نعم، لكن كان في مقابل البدع سنن نحن الآن ندور بين بدعة وردة هم يدورون بين بدعة وسنة.
أغلبنا مبتدع لا يعرف شيئًا عن دينه الصحيح إلا لمامًا، أين رجولتكم ؟! أين رجولتكم وقد ضاعت بلادكم من تحت أيديكم ؟! أين رجولتكم وبطونكم في أيدي عدوكم ؟! لا تأكلون إلا فتات يرميها لكم، أين رجولتكم ؟! هم رجال في السماء فقط الألفاظ تتشابه فقط هذا رجل، وهذا رجل نبيناr رجل وأبي جهل رجل لكن شتان ما بين الرجلين، هذا خير من وطأ الحصى، وهذا شر من وطأ الحصى اشتركوا فقط في التسمية الظاهرية.
أسلافنا رجال في تقولهم في ورعهم، في كل شيء يفعلونه رجال: أنظر إليهم في عنفوانهم، كيف كانوا يطلبون العلم من العالم ؟! برغم أنه في القديم إذا مات عالم تجد مائة ألف عالم في هذا العصر إذا مات عالم شغر مكانه بعد سنوات طوال تجد من يسد مكان العالم، فالعالم جوهرة يكفي أنه يبين مراد الله في الأرض حسبه أنه يفعل كذلك.
أنظر إلي أسلافنا، كيف كانوا يطلبون العلم ؟! سأعرض عليكم صورة رأيتها بنفسي ليس بيني وبينها واسطة من الله علي وصحبت لفترة من الزمن أكبر محدث يكون في هذا العصر وهو الشيخ الألباني، هذا الرجل جليل القدر جدًا تستشعر أنه سقط من القرون الأوائل لما عليه من الهيبة، سلوكه لا ينافي قوله فيما علم وفيما أخبرني المخبرون كان إذا عقد مجلسًا أري بعيني شبابًا ينامون علي ظهورهم في حضرته، ولا أبالغ إذا قلت أن قدم أحدهم كان متوجهًا أحيانًا إلي وجهه والشيخ ساكت، لما يسكت ؟! لأن الحياء لا يعلم، الحياء يفطر المرء عليه: في صحيح البخاري ومسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي rمر فوجد رجلًا يعظ أخاه في الحياء يعلمه أن يستحي فقال له: " دعه فإن الحياء من الإيمان " الحياء قرين الإيمان لا عليك ألا تعلمه فالحياء لا يعلم، الحياء يفطر المرء عليه ولا خير في رجل لا حياء عنده، هذا نائم عل ظهره والشيخ يفتي أو يعطي درسًا من دروس العلم، مع أن الشيخ ناصر الدين الألباني لو مات غدًا لظلت الأمة تعاني سنوات طوال حتى يخلفه رجل مثله.
صور من إجلال المتعلم للعالم أنظروا إلي شبابنا مع أننا نعاني فقرًا في العلماء كيف يعاملونهم ؟! أما أسلافنا مع أن العالم إذا مات تجد مائة ألف عالم كيف كانوا يعاملونهم ؟!
الإمام مالك بن أنس مع شيخه شعبه:مالك بن أنس الإمام مالك كان يذهب إلي دار شيخ له يسمي شعبة، فيسمع الحديث مع الطلاب يملي شعبة الحديث وهم يكتبون، فأراد مالك أن ينتهز فرصة ويسمع الحديث من شعبة وحده لأنه معلوم لدينا جميعًا أنه في أي مدرسة كلما كان عدد الطلاب أقل كلما كانت الاستفادة أكثر , فالإمام مالك يريد أن ينفرد بشعبة، فماذا يفعل؟! صلي العيد صلاة العيد والناس في العادة ينصرفون إلي بيوتهم بعد صلاة العيد هو أخذ بعضه وذهب إلي دار شعبة، قعد علي درج البيت علي السلم وهذا مالك، مالك الإمام الذي ما يقارب من ثلث الأمة علي مذهبه، وجعل الله له لسان صدق في الأمة كلما ذكر ترحم الناس عليه، لم يطرق بابًا ولم ينادي إنما قعد علي درج البيت قال شعبة لجاريته: أنظري من بالباب يأكل معنا ؟ وكانت أبوابهم مفتحة لا يمنعون مسكينًا أنظري من بالباب يأكل معنا ؟ خرجت الجارية ثم رجعت تقول: يا سيدي مالك بالباب أدخل دخل قال: كل قال: ما لهذا جئت أنا تارك الأكل في بيتي أنا ما لهذا جئت، قال: حاجتك ؟! قال: أريد الحديث، قال مالك: فحفظت عنه في هذا المجلس أربعين حديثًا. أنظر أدبه لا يترك بابًا ولا يزعجه احترامًا للشيخ ولعلمه.
ابن عباس مات النبي rولم يكمل العشرين من عمره كان سنة ثمانية عشر ربيعًا فكان يذهب إلي أصحاب النبي rالكبار زيد بن ثابت، عمر بن الخطاب، علي بن أبي طالب، عثمان
أدب ابن عباس ,في طلب العلم من أصحاب الرسول: قال ابن عباس: فكنت أذهب إلي بيوتهم فربما تلسعني شمس الظهيرة فلا أطرق علي أحد منهم الباب، فإذا رآني قال: يا ابن عم النبي، لما لم تترك الباب ؟!، لما لم تخبرني فآتيك ؟! لشرف آل البيت، فيقول ابن عباس: بل أنا آتيك حق العالم علي المتعلم،.
ويحكى لنا رجل أنصاري قال: قال لي ابن عباس يومًا ألا تأتي فنسأل أصحاب النبي r وهم متوافرون ؟! فقال لي الأنصاري يهزأ بي: أتظن يا ابن عباس أنه سيأتي اليوم الذي يحتاج فيه إليك ؟! وأصحاب النبي كثر كأنما يحقر شأن ابن عباس أظن في يوم من الأيام سيحتاج إليك الناس ؟! مهلًا يا ابن عباس، قال ابن عباس: ولم يطاوعني فذهبت أسأل وأستفيد فما مات الأنصاري حتى كانت لي حلقة، صار إمامًا يفتي فلما رآه الأنصاري قال: أفلح الرجل فسر هو فلم يذهب معه ولم يقف في حر الظهيرة ينتظر العالم، مع أن هؤلاء الناس الأفاضل كان إذا الواحد منهم ترك عالمًا وجد غيره.
أدب موسي - عليه السلام - مع الخضر مع أن موسي أفضل من الخضر أفضل منه إن كان الخضر وليًا فموسي نبي، والنبي أفضل من الولي، وإن كان الخضر نبيًا وهذا هو الراجح علي ما ذكرناه فموسي يفضل عليه بالرسالة فموسي أفضل علي كل حال، ومع ذلك يقول للخضر بلهجة لطيفة جدًا ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدً ﴾ أي أتسمح لي أيطيب خاطرك أن أتبعك شريطة أن تعلمني مما علمت رشدا ؟.
أهمية الملاطفة مع العالم،: لماذا تلاطفه ؟! لأنه أفضل منك معه علم وأنت أقل منه قال الله : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (الزمر:9) الجواب: لا الذين يعلمون شيء، والذين لا يعلمون شيء آخر ولذلك الله جعل أولي العلم من الشهداء علي وحدانيته مع الملائكة وقال لنبيهr﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ (محمد:19) فقدم العلم ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ فالعالم لأجل هذا يرفع.
أدب الحافظ بن حجر العسقلاني مع شيخه العراقي: كان الحافظ بن حجر العسقلاني أحد حفاظ الدنيا ممن أنجبتهم مصر كان له شيخ يسمي الحافظ العراقي، كان إذا أراد ابن حجر وهو صاحب كتاب فتح الباري الذي تسمعون عنه، كان إذا أراد أن يسأل العراقي مسألة يقف بين يديه ويقول: ما يقول سيدي في كذا وكذا ؟ لا يقولن رجل هذا مخالف لقوله r لما قال له الصحابة: أنت سيدنا قال: " السيد الله "لا يخالف قول ابن حجر هذا الحديث، لأن النبي rقال للأنصار: " قوموا إلي سيدكم " وكان سعد بن معاذ كان يركب علي دابة فقال لهم: " قوموا إلي سيدكم " فيقول له: ما يقول سيدي في كذا وكذا ؟ حتى لا يوغر صدر العالم عليه ولا يناديه بكاف الخطاب ولا تاء الخطاب يقول له أنت كما لو كان شخص عادي، إنما يوقره ويحترم ه يرفعه ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدً ﴾، ورجل يقول: موسي - عليه السلام - الأعلم يطلب من الخضر الأقل منزلة وفضلًا وعلمًا، يطلب منه العلم ؟! نعم، ليس هناك أي غضاضة أن يتعلم الرجل من أقل منه هذا مشاهد في الحياة، تجد الرجل العظيم الكبير الذي جمع عشرة أصناف من العلوم يتعلم من رجل لا يفهم شيئًا إلا في مهنة واحدة مثلًا الإمام الشافعي لو ذهب إلي رجل يحيف الملابس خياط فقال له: كيف ترفو هذا الثوب ؟ فيقول له: هكذا وهكذا ويظل يعلمه، هل بهذه الجزئية صار هذا الرجل أعلي من الشافعي ؟! الجواب: لا، لكن لا يوجد رجل في الدنيا كلها يعرف كل شيء لابد أن يجهل شيئًا ما، ويكون هناك أقل بكثير جدًا منه يعلم هذه الجزئية، وهذا النبي rولا يوجد أفضل منه ولا أعلم كما في صحيح مسلم مر علي جماعة يؤبرون النخل
يؤبرون النخل: يلقحونه، يأخذون لقاح الذكر يضعونه علي الأنثى ,فقال: " ما أظن هذا ينفع شيئا " فنزل الأنفار علي الفور من علي النخلة وتركوها هذا نبي ويقول: " ما أظن هذا ينفع، أو ما أظن هذا يجدي " فانتظروا أوان الحصاد أولن التمر، فإذا هو شيت شيت: صيت بلغة الناس اليوم ,بلح لا يؤكل فأخبروا النبي rقال لهم: " أنتم أعلم بشئون دنياكم، إنما أنا بشر فلا تؤاخذوني بالذنب " هو ظن أن هذا لا يجدي شيئًا ظن " أنتم أعلم بشئون دنياكم " أي مني، هل بهذا القدر يتساوي أي رجل أو يقال أن فلان أعلم من الرسول ؟! لأنه نال جزئية من الجزئيات طبعًا لا، فنزل كلام موسي - عليه السلام - مع الخضر هذه المنزلة قال له موسي: ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
هذه الآية تبين لنا أمورًا:
الأمر الأول: أن موسي - عليه السلام - كانت فيه حدة.
الأمر الثاني: أن ما سيفعله الخضر ينكره أي عاقل في الدنيا، وأي رجل يدين بدين الخضر يعلم هذا مقدمًا يعلم أن أفعاله التي سيفعلها تخالف فهم رجل عاقل ظواهرها منكرة، يقابل شاب يقتله، ناس يحملوه في السفينة بدون أجر يخرقها لهم، يقول لناس جوعانين نريد أن نأكل، يقولون: ما عندنا طعام ومع ذلك يبني لهم جدارًا ظاهر الأشياء تقول: أننا يجب أن نعامل هؤلاء بمثل المعاملة حملونا في السفينة بغير مون وأجر فيجب أن تحسن إليهم، فلا تتلف لهم السفينة، ولد وضيء كان يلعب مع الصبيان أخذه فقلع رأسه ناس في القرية لا يريدون استطعمناهم فلم يطعمونا، كيف تبني لهم جدارًا ؟! خذ أجرًا نأكل بهذا المال أي رجل ينظر إلي هذه الظواهر لابد أن يعترض، والله أعلم الخضر لما أوحي له بهذه الأشياء كان يعلم أنها تخالف ما يعلمه موسي.
علم أي نبي في الدنيا، ما يصلح به حياة البشر: أن نبي هكذا علمه لا يعلمه الله إلا علمًا يصلح حياة البشر، ثم يؤتيه بجانب هذا العلم معجزات، آيات، خوارق إلي آخره تصديقًا له، فقال له: ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴾: أي كيف تصبر علي ما لم يصل إليك علمه وخبره ؟! قال له موسي بعدما رآه يتمنع: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
هنا قدم المشيئة علي ذكر الصبر، ولم يفعلها مع نفي المعصية ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ﴾
قال بعض العلماء: لما قدم المشيئة علي الصبر صبر، ولما ترك ذكرها في المعصية اعترض علي الخضر وعصي وتركه ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ (الكهف:23،24).
فيجب علي الرجل قبل أن يبرم أمرًا أن يقدم مشيئة الله فإن الله تعالي كل شيء في كونه مقدر فتقديم المشيئة أدب، أن تقدم مشيئة الله علي مشيئتك أنت ممنوع أن تسوي بين مشيئة الله ومشيئتك، فكيف تقدمها عليها ؟! في صحيح البخاري أن النبي rسمع رجل يقول له: ما شاء الله وشئت يقول للنبي r ما شاء الله وشئت، قال: " أجعلتني لله مدًا ؟!، أجعلتني له مساويا ؟! قل: ما شاء الله ثم شئت " فالتساوي في المشيئة ممنوع، فكيف إذا قدمت ؟!، كيف إذا تركت ؟! تقول: أنا سأفعل وسأفعل والله كتبك في الأموات وأنت تبني يبني آمالاً، ويبني أحلامًا يقول: السنة القادمة سأذهب إلي فلان، السنة القادمة سأبني العمارة، السنة القادمة سأفعل، غدًا أفعل، وقد نزلت ورقته فيموت غدًا، سيموت بعد غد سيموت الشهر القادم وهو يبني أحلامًا وأمالًا لعشر سنين. وفي الحديث الصحيح عند البخاري " أن النبي rرسم علي التراب لأصحابه مربعًا، قال: هذا أجل ابن آدم، ثم رسم خطًا طويلًا خارج من المربع قال: وهذا أمله " أحلامه.
لو ترك المرء وأحلامه لما مات أبدًا: أحلام المرء أكبر من عمره بكثير كما أن عين المرء أكبر من بطنه بكثير في يوم الصيام يتصور أنه لو ضرب مدفع الإفطار سيأكل خروفًا، وسيشرب برميلًا ماء فإذا أكل لقيمات فقط وتجده قام عينه أكبر من بطنه، وأمله أكبر من عمره ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ قل إن شاء الله أفعل كذا، كن مؤدبًا مع الله ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
انتهي الدرس السادس
هذه الآيات تشتمل علي آداب طالب العلم: إن الآفة التي يعاني المسلمون منها أنهم لا يعرفون لعلمائهم حقهم، ولا يوقرونهم بدعوي نحن رجال وهم رجال.
مما يدل علي عدم توقير العلماء: لدرجة أنني رأيت موقفًا غريبًا جدًا كنت أنا أحد الأطراف فيه شاب ممن يكفر جماعة المسلمون بارتكاب المعاصي، والذين أطلقوا علهم التكفير قلت له في مسألة ما: قال ابن عباس: كذا وكذا قال: هم رجال ونحن رجال أنا أقول لك: قال ابن عباس، لا أقول لك: قال الشافعي، ولا أحمد ولا البخاري، ولا مسلم، ولا إسحاق برغم أنني لو قلت هذه الأسماء لوجب عليك أن تنصاع، لأنهم أئمة علي نقلهم نصلي، قال: هم رجال ونحن رجال أي نعم إن كنت تقصد هم رجال ونحن رجال في الذكورة أنا أقر بهذا أنت ذكر وهو ذكر، لك شارب وله شارب، لك لحية وله لحية، إن كانت الذكورة التي تعنيها هذه المواصفات أنا لا أختلف معك، إنما إن كانت الذكورة هي العقل ورجاحته والتقوى ورجاحتها فأنا أختلف معك ولا يختلف أي عاقل ابن عباس الذي قال النبي rفيه: " اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل " قال لي: ومن يدريك أن دعوة النبي استجيبت ؟! سبحان ربي ! قال الله لعباده جميعًا: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ (البقرة:186) فتكفل الله بمقتضي هذه الآية أنه إذا دعي أي رجل أية دعوة أنه يستجيب له، ما لم يكن بظلم أو قطيعة رحم، فإن كان الله يستجيب لآحاد الناس، ألا يستجيب لنبيه ؟! هم رجال نعم نحن لا ندانيهم ولا يزن الواحد منا مسمارًا في نعل واحد منهم كيف وقد فتحوا الدنيا ونصروا الدين علي أكتافهم ؟! ونحن متخاذلون حياتنا بدع كانوا في القديم حياتهم بين بدعة وسنة كان هناك بدع نعم، لكن كان في مقابل البدع سنن نحن الآن ندور بين بدعة وردة هم يدورون بين بدعة وسنة.
أغلبنا مبتدع لا يعرف شيئًا عن دينه الصحيح إلا لمامًا، أين رجولتكم ؟! أين رجولتكم وقد ضاعت بلادكم من تحت أيديكم ؟! أين رجولتكم وبطونكم في أيدي عدوكم ؟! لا تأكلون إلا فتات يرميها لكم، أين رجولتكم ؟! هم رجال في السماء فقط الألفاظ تتشابه فقط هذا رجل، وهذا رجل نبيناr رجل وأبي جهل رجل لكن شتان ما بين الرجلين، هذا خير من وطأ الحصى، وهذا شر من وطأ الحصى اشتركوا فقط في التسمية الظاهرية.
أسلافنا رجال في تقولهم في ورعهم، في كل شيء يفعلونه رجال: أنظر إليهم في عنفوانهم، كيف كانوا يطلبون العلم من العالم ؟! برغم أنه في القديم إذا مات عالم تجد مائة ألف عالم في هذا العصر إذا مات عالم شغر مكانه بعد سنوات طوال تجد من يسد مكان العالم، فالعالم جوهرة يكفي أنه يبين مراد الله في الأرض حسبه أنه يفعل كذلك.
أنظر إلي أسلافنا، كيف كانوا يطلبون العلم ؟! سأعرض عليكم صورة رأيتها بنفسي ليس بيني وبينها واسطة من الله علي وصحبت لفترة من الزمن أكبر محدث يكون في هذا العصر وهو الشيخ الألباني، هذا الرجل جليل القدر جدًا تستشعر أنه سقط من القرون الأوائل لما عليه من الهيبة، سلوكه لا ينافي قوله فيما علم وفيما أخبرني المخبرون كان إذا عقد مجلسًا أري بعيني شبابًا ينامون علي ظهورهم في حضرته، ولا أبالغ إذا قلت أن قدم أحدهم كان متوجهًا أحيانًا إلي وجهه والشيخ ساكت، لما يسكت ؟! لأن الحياء لا يعلم، الحياء يفطر المرء عليه: في صحيح البخاري ومسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي rمر فوجد رجلًا يعظ أخاه في الحياء يعلمه أن يستحي فقال له: " دعه فإن الحياء من الإيمان " الحياء قرين الإيمان لا عليك ألا تعلمه فالحياء لا يعلم، الحياء يفطر المرء عليه ولا خير في رجل لا حياء عنده، هذا نائم عل ظهره والشيخ يفتي أو يعطي درسًا من دروس العلم، مع أن الشيخ ناصر الدين الألباني لو مات غدًا لظلت الأمة تعاني سنوات طوال حتى يخلفه رجل مثله.
صور من إجلال المتعلم للعالم أنظروا إلي شبابنا مع أننا نعاني فقرًا في العلماء كيف يعاملونهم ؟! أما أسلافنا مع أن العالم إذا مات تجد مائة ألف عالم كيف كانوا يعاملونهم ؟!
الإمام مالك بن أنس مع شيخه شعبه:مالك بن أنس الإمام مالك كان يذهب إلي دار شيخ له يسمي شعبة، فيسمع الحديث مع الطلاب يملي شعبة الحديث وهم يكتبون، فأراد مالك أن ينتهز فرصة ويسمع الحديث من شعبة وحده لأنه معلوم لدينا جميعًا أنه في أي مدرسة كلما كان عدد الطلاب أقل كلما كانت الاستفادة أكثر , فالإمام مالك يريد أن ينفرد بشعبة، فماذا يفعل؟! صلي العيد صلاة العيد والناس في العادة ينصرفون إلي بيوتهم بعد صلاة العيد هو أخذ بعضه وذهب إلي دار شعبة، قعد علي درج البيت علي السلم وهذا مالك، مالك الإمام الذي ما يقارب من ثلث الأمة علي مذهبه، وجعل الله له لسان صدق في الأمة كلما ذكر ترحم الناس عليه، لم يطرق بابًا ولم ينادي إنما قعد علي درج البيت قال شعبة لجاريته: أنظري من بالباب يأكل معنا ؟ وكانت أبوابهم مفتحة لا يمنعون مسكينًا أنظري من بالباب يأكل معنا ؟ خرجت الجارية ثم رجعت تقول: يا سيدي مالك بالباب أدخل دخل قال: كل قال: ما لهذا جئت أنا تارك الأكل في بيتي أنا ما لهذا جئت، قال: حاجتك ؟! قال: أريد الحديث، قال مالك: فحفظت عنه في هذا المجلس أربعين حديثًا. أنظر أدبه لا يترك بابًا ولا يزعجه احترامًا للشيخ ولعلمه.
ابن عباس مات النبي rولم يكمل العشرين من عمره كان سنة ثمانية عشر ربيعًا فكان يذهب إلي أصحاب النبي rالكبار زيد بن ثابت، عمر بن الخطاب، علي بن أبي طالب، عثمان
أدب ابن عباس ,في طلب العلم من أصحاب الرسول: قال ابن عباس: فكنت أذهب إلي بيوتهم فربما تلسعني شمس الظهيرة فلا أطرق علي أحد منهم الباب، فإذا رآني قال: يا ابن عم النبي، لما لم تترك الباب ؟!، لما لم تخبرني فآتيك ؟! لشرف آل البيت، فيقول ابن عباس: بل أنا آتيك حق العالم علي المتعلم،.
ويحكى لنا رجل أنصاري قال: قال لي ابن عباس يومًا ألا تأتي فنسأل أصحاب النبي r وهم متوافرون ؟! فقال لي الأنصاري يهزأ بي: أتظن يا ابن عباس أنه سيأتي اليوم الذي يحتاج فيه إليك ؟! وأصحاب النبي كثر كأنما يحقر شأن ابن عباس أظن في يوم من الأيام سيحتاج إليك الناس ؟! مهلًا يا ابن عباس، قال ابن عباس: ولم يطاوعني فذهبت أسأل وأستفيد فما مات الأنصاري حتى كانت لي حلقة، صار إمامًا يفتي فلما رآه الأنصاري قال: أفلح الرجل فسر هو فلم يذهب معه ولم يقف في حر الظهيرة ينتظر العالم، مع أن هؤلاء الناس الأفاضل كان إذا الواحد منهم ترك عالمًا وجد غيره.
أدب موسي - عليه السلام - مع الخضر مع أن موسي أفضل من الخضر أفضل منه إن كان الخضر وليًا فموسي نبي، والنبي أفضل من الولي، وإن كان الخضر نبيًا وهذا هو الراجح علي ما ذكرناه فموسي يفضل عليه بالرسالة فموسي أفضل علي كل حال، ومع ذلك يقول للخضر بلهجة لطيفة جدًا ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدً ﴾ أي أتسمح لي أيطيب خاطرك أن أتبعك شريطة أن تعلمني مما علمت رشدا ؟.
أهمية الملاطفة مع العالم،: لماذا تلاطفه ؟! لأنه أفضل منك معه علم وأنت أقل منه قال الله : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (الزمر:9) الجواب: لا الذين يعلمون شيء، والذين لا يعلمون شيء آخر ولذلك الله جعل أولي العلم من الشهداء علي وحدانيته مع الملائكة وقال لنبيهr﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ (محمد:19) فقدم العلم ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ فالعالم لأجل هذا يرفع.
أدب الحافظ بن حجر العسقلاني مع شيخه العراقي: كان الحافظ بن حجر العسقلاني أحد حفاظ الدنيا ممن أنجبتهم مصر كان له شيخ يسمي الحافظ العراقي، كان إذا أراد ابن حجر وهو صاحب كتاب فتح الباري الذي تسمعون عنه، كان إذا أراد أن يسأل العراقي مسألة يقف بين يديه ويقول: ما يقول سيدي في كذا وكذا ؟ لا يقولن رجل هذا مخالف لقوله r لما قال له الصحابة: أنت سيدنا قال: " السيد الله "لا يخالف قول ابن حجر هذا الحديث، لأن النبي rقال للأنصار: " قوموا إلي سيدكم " وكان سعد بن معاذ كان يركب علي دابة فقال لهم: " قوموا إلي سيدكم " فيقول له: ما يقول سيدي في كذا وكذا ؟ حتى لا يوغر صدر العالم عليه ولا يناديه بكاف الخطاب ولا تاء الخطاب يقول له أنت كما لو كان شخص عادي، إنما يوقره ويحترم ه يرفعه ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدً ﴾، ورجل يقول: موسي - عليه السلام - الأعلم يطلب من الخضر الأقل منزلة وفضلًا وعلمًا، يطلب منه العلم ؟! نعم، ليس هناك أي غضاضة أن يتعلم الرجل من أقل منه هذا مشاهد في الحياة، تجد الرجل العظيم الكبير الذي جمع عشرة أصناف من العلوم يتعلم من رجل لا يفهم شيئًا إلا في مهنة واحدة مثلًا الإمام الشافعي لو ذهب إلي رجل يحيف الملابس خياط فقال له: كيف ترفو هذا الثوب ؟ فيقول له: هكذا وهكذا ويظل يعلمه، هل بهذه الجزئية صار هذا الرجل أعلي من الشافعي ؟! الجواب: لا، لكن لا يوجد رجل في الدنيا كلها يعرف كل شيء لابد أن يجهل شيئًا ما، ويكون هناك أقل بكثير جدًا منه يعلم هذه الجزئية، وهذا النبي rولا يوجد أفضل منه ولا أعلم كما في صحيح مسلم مر علي جماعة يؤبرون النخل
يؤبرون النخل: يلقحونه، يأخذون لقاح الذكر يضعونه علي الأنثى ,فقال: " ما أظن هذا ينفع شيئا " فنزل الأنفار علي الفور من علي النخلة وتركوها هذا نبي ويقول: " ما أظن هذا ينفع، أو ما أظن هذا يجدي " فانتظروا أوان الحصاد أولن التمر، فإذا هو شيت شيت: صيت بلغة الناس اليوم ,بلح لا يؤكل فأخبروا النبي rقال لهم: " أنتم أعلم بشئون دنياكم، إنما أنا بشر فلا تؤاخذوني بالذنب " هو ظن أن هذا لا يجدي شيئًا ظن " أنتم أعلم بشئون دنياكم " أي مني، هل بهذا القدر يتساوي أي رجل أو يقال أن فلان أعلم من الرسول ؟! لأنه نال جزئية من الجزئيات طبعًا لا، فنزل كلام موسي - عليه السلام - مع الخضر هذه المنزلة قال له موسي: ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
هذه الآية تبين لنا أمورًا:
الأمر الأول: أن موسي - عليه السلام - كانت فيه حدة.
الأمر الثاني: أن ما سيفعله الخضر ينكره أي عاقل في الدنيا، وأي رجل يدين بدين الخضر يعلم هذا مقدمًا يعلم أن أفعاله التي سيفعلها تخالف فهم رجل عاقل ظواهرها منكرة، يقابل شاب يقتله، ناس يحملوه في السفينة بدون أجر يخرقها لهم، يقول لناس جوعانين نريد أن نأكل، يقولون: ما عندنا طعام ومع ذلك يبني لهم جدارًا ظاهر الأشياء تقول: أننا يجب أن نعامل هؤلاء بمثل المعاملة حملونا في السفينة بغير مون وأجر فيجب أن تحسن إليهم، فلا تتلف لهم السفينة، ولد وضيء كان يلعب مع الصبيان أخذه فقلع رأسه ناس في القرية لا يريدون استطعمناهم فلم يطعمونا، كيف تبني لهم جدارًا ؟! خذ أجرًا نأكل بهذا المال أي رجل ينظر إلي هذه الظواهر لابد أن يعترض، والله أعلم الخضر لما أوحي له بهذه الأشياء كان يعلم أنها تخالف ما يعلمه موسي.
علم أي نبي في الدنيا، ما يصلح به حياة البشر: أن نبي هكذا علمه لا يعلمه الله إلا علمًا يصلح حياة البشر، ثم يؤتيه بجانب هذا العلم معجزات، آيات، خوارق إلي آخره تصديقًا له، فقال له: ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴾: أي كيف تصبر علي ما لم يصل إليك علمه وخبره ؟! قال له موسي بعدما رآه يتمنع: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
هنا قدم المشيئة علي ذكر الصبر، ولم يفعلها مع نفي المعصية ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ﴾
قال بعض العلماء: لما قدم المشيئة علي الصبر صبر، ولما ترك ذكرها في المعصية اعترض علي الخضر وعصي وتركه ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ (الكهف:23،24).
فيجب علي الرجل قبل أن يبرم أمرًا أن يقدم مشيئة الله فإن الله تعالي كل شيء في كونه مقدر فتقديم المشيئة أدب، أن تقدم مشيئة الله علي مشيئتك أنت ممنوع أن تسوي بين مشيئة الله ومشيئتك، فكيف تقدمها عليها ؟! في صحيح البخاري أن النبي rسمع رجل يقول له: ما شاء الله وشئت يقول للنبي r ما شاء الله وشئت، قال: " أجعلتني لله مدًا ؟!، أجعلتني له مساويا ؟! قل: ما شاء الله ثم شئت " فالتساوي في المشيئة ممنوع، فكيف إذا قدمت ؟!، كيف إذا تركت ؟! تقول: أنا سأفعل وسأفعل والله كتبك في الأموات وأنت تبني يبني آمالاً، ويبني أحلامًا يقول: السنة القادمة سأذهب إلي فلان، السنة القادمة سأبني العمارة، السنة القادمة سأفعل، غدًا أفعل، وقد نزلت ورقته فيموت غدًا، سيموت بعد غد سيموت الشهر القادم وهو يبني أحلامًا وأمالًا لعشر سنين. وفي الحديث الصحيح عند البخاري " أن النبي rرسم علي التراب لأصحابه مربعًا، قال: هذا أجل ابن آدم، ثم رسم خطًا طويلًا خارج من المربع قال: وهذا أمله " أحلامه.
لو ترك المرء وأحلامه لما مات أبدًا: أحلام المرء أكبر من عمره بكثير كما أن عين المرء أكبر من بطنه بكثير في يوم الصيام يتصور أنه لو ضرب مدفع الإفطار سيأكل خروفًا، وسيشرب برميلًا ماء فإذا أكل لقيمات فقط وتجده قام عينه أكبر من بطنه، وأمله أكبر من عمره ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ قل إن شاء الله أفعل كذا، كن مؤدبًا مع الله ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
انتهي الدرس السادس