بسم الله الرحما
رحلة الرسول صلى الله عليه و سلم إلى السماء
بعد وفاه عم الرسول
و زوجته خديجة بنت خويلد , أصبح الرسول
حزيناً بالإضافة إلى عدم توفيقه فى هداية قبيله ثقيف بالطائف
و عودته إلى مكة , تجلت قدره الله تعالى فى إرادته أن يعوض الرسول
و أن يزيل آلامه و أحزانه بهذة الرحلة الخالدة التى رأى فيها رسول الله
من الآيات و العجائب ما لم تراة عين و لم يخطر على قلب بشر ,
فأسرى به سبحانه فى ليله السابع و العشرين من شهر رجب جسداً
و روحاً من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى ببيت المقدس و صلى بالأنبياء جميعاً ثم صُعد به إلى السماء
العليا حتى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى , و قد رأى نتيجة الأعمال الخيرية
فى الجنة و نتيجة الأعمال السيئة فى النار, و فى هذة الليلة فُرضت الصلوات
الخمس على المسلمين و رأى الرسول
فى هذة الرحلة الرائعة الجنة و النار و الملائكة
ساجدين عابدين لله تعالى عز و جل و رأى الرسول
الأنبياء جميعهم و رأى جبريل فى صورة ملك مرة اخرى
عند سدرة المنتهى ووصل إلى مرحله لم يصل لها إنسان من قبل
ثم توقف جبريل عند مكانه هذا وقال : تقدم يا محمد فإنى
لو تقدمت لأحترقت و رأى محمد
نور الله الكريم , يقول رسول الله
و هو يوصف سدرة المنتهى عندما تجلاها نور الله الكريم :
سارت السدرة من الحُسن و من
الجمال ما لا يستطيع بشر أن يصفة و فى هذا المكان تحدث محمد
مع ربه عز و جل بدون حجاب ولا ترجمان , و لما عاد الرسول
إلى الأرض أخبر قومه بما حدث له فى هذة الليلة ,
فأستهزءت به قريش و قالت إنة لمجنون أو ساحر , و أتهموه
بالسحر و الكهانه وقالوا له إذا كنت ذهبت بالفعل إلى المسجد الأقصى
فى ليلة فأوصفة لنا , فوضع الله تعالى المسجد الأقصى أما عين النبى
وحده يرى و يشرح للكفار كل شىء موجود به
, ثم أنه أكد لهم انه ذهب إلى المسجد الأقصى بوصفه
لهم قافلة تجارية عائدة من الشام و قال لهم انها سوف تعود
بعد ثلاث ايام و عادت القافلة فعلاً , ثم ذهب الكفار إلى أبى بكر الصديق
و أخبروه بما حدث و قالوا له :
أرءيت يا أبا بكر ما يقول صاحبك , فهل تصدقه بعد اليوم ؟
فقال ابى بكر
قولته المشهوره : لقد صدقت رسول الله
فى أكبر من
ذلك , لقد صدقته فى نزول الوحى إليه من السماء , أفلا اصدقه فى ذلك , و من
هنا سُمى أبى بكر
بالصديق , ثم بعد ذلك علم الناس و صدقوا أنه بالفعل أُسرى بالرسول
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و أُعرج به إلى السماء
صلوا على حبيبنا محمد صلاة تليق بمقامه وسلموا عليه تسليما كثيرا
رحلة الرسول صلى اله عليه وسلم
latifamer- مشرفة
- تاريخ الميلاد : 03/09/1986
الدولة : الجزائر
الولاية : تبسة
المزاج : هادئة
عدد الرسائل : 1433
عدد النقاط : 9219
نقاط تقيم الاعضاء : 127
العمر : 38
الوظيفة : موظفة
تعاليق : قـآلوَآ عنْ هُدوئيَ وَ سُكوتـيَ فتـآأهـٌ مغرورةُ متكبرهـٌ
قـآلوآ عنْ صمتيَ آننيَ ضعيفهٌ وعلى ردَ آلظُلمَ لستُ قـآدرهـٌ
قـآلوآ عنْ طيبتيَ آننيَ فريسهٌ سهلةٌ وٍَ لــِ غدرَ آلنآسُ متقبلهـٌ
وٍ تركتُهمْ يتنـآولونَ آلأقــآوٍيلْ عنيَ ولمْ آنطقُ بــ كلمهٌـ
لأننيَ حقـــآأ ..../ عُملةٌ نآدره
تاريخ التسجيل : 13/11/2010
بطاقة الشخصية
حقل رمي النرد:
(1/1)
رد: رحلة الرسول صلى اله عليه وسلم
:بارك:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بارك الله فيك
منورين الموضع أحبائي
بارك الله فيكِ.
[b]
ترك هوي النفس
الهوى. والهوى يهوي بصاحبه إلى الدرك الأسفل ومن عافاه الله عز وجل من داء الهوى سيسهل عليه أن يتبع الوحي المنزل, لأن الهوى قسيم الضد للوحي,أي أن: الوحي في ناحية, والهوى في الناحية المقابلة على الضد, فمن اتبع هواه فقد ترك الوحي ولابد, ومن اتبع الوحي سهل عليه ترك الهوى أو تركه فترى ربنا سبحانه وتعالى يقول للنبي عليه الصلاة والسلام:
قال تعالي﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ (سُورَةُ القَصَصِ :50).
(يستجيبوا لك) هذا هو الوحي, (يتبعون أهواءهم) وهو الهوى.
قال تعالي﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ (سُورَةُ الكَّهْفِ : 28 ) (عن ذكرنا) هذا هو الوحي
وقال الله عز وجل: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ﴾ (سُورَةُ ص : 26 )( بالحق) هذا هو الوحي.
إذن الهوى هو قسمة الضد للوحي, فأكبر إشكالية تجعلنا نفتر بعد رمضان _أو نفتر عادة_ لكن بعد رمضان لأنها ظاهرة ملفتة هي: إتباع الهوى ومن اتبع الهوى وركب جواده أخذ به في شعب العصيان, .
ترك هوي النفس
الهوى. والهوى يهوي بصاحبه إلى الدرك الأسفل ومن عافاه الله عز وجل من داء الهوى سيسهل عليه أن يتبع الوحي المنزل, لأن الهوى قسيم الضد للوحي,أي أن: الوحي في ناحية, والهوى في الناحية المقابلة على الضد, فمن اتبع هواه فقد ترك الوحي ولابد, ومن اتبع الوحي سهل عليه ترك الهوى أو تركه فترى ربنا سبحانه وتعالى يقول للنبي عليه الصلاة والسلام:
قال تعالي﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ (سُورَةُ القَصَصِ :50).
(يستجيبوا لك) هذا هو الوحي, (يتبعون أهواءهم) وهو الهوى.
قال تعالي﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ (سُورَةُ الكَّهْفِ : 28 ) (عن ذكرنا) هذا هو الوحي
وقال الله عز وجل: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ﴾ (سُورَةُ ص : 26 )( بالحق) هذا هو الوحي.
إذن الهوى هو قسمة الضد للوحي, فأكبر إشكالية تجعلنا نفتر بعد رمضان _أو نفتر عادة_ لكن بعد رمضان لأنها ظاهرة ملفتة هي: إتباع الهوى ومن اتبع الهوى وركب جواده أخذ به في شعب العصيان, .
يقول ابن الجوزي _رحمه الله تعالى_:
[بالله عليكَ يا مرفوعَ القدر بالتقوى لا تبع عزها بذُلِ المعاصي وصابر عطشَ الهوى في هجيرِ المشتهى وإن أمض و أرمض فإذا بلغتَ النهايةَ من الصبرِ فاحتكم و قل فهو مقام من لو أقسم علي اللهِ لأبره تالله لولا صبرُ عمرَ ما انبسطت يده بضرب يدهُ يضرب الأرض بالدِرة. ولولا جد أنس بن النضر في ترك هواه، وقد سمعت من آثار عزمته: لئن أشهدني الله مشهدا
ليرين الله ما أصنع، فأقبل يومَ أحدٍ يقاتل حتى قُتِلَ فلم يُعرفَ إلا ببنانهِ) فلولا هذا العزمُ ما كان انبساط وجههِ يومَ حلفَ والله لا تُكسر سن الربيع. بالله عليك تذوق حلاوة الكف عن المنهي، فإنها شجرةٌٌ تثمر عز الدنيا وشرفَ الآخرة. ومتى اشتد عَطَشُكَ إلى ما تهوى، فابسُط أنَامَل الرجاء إلى من عنده الري الكامل. وقل قد عِيلَ صبرُ الطبع في سنيهِ العِجَاف، فعجل لي العام الذي فيه أغاث فيه عصري بالله عليك تفكر فيمن قطع أكثرَ العمرِ في التقوى والطاعة ثم عَرَضَت فتنةٌ في الوقت الأخير،كيف نطح مركبه الجرفَ فغرقَ وقت الصعود. أفٍ والله للدنيا، لابل للجنة إن أوجب نيلها إعراضَ الحبيب. إنما نسبُ العامي باسمه واسم أبيه، فأما ذوو الأقدارِ فالألقابُ قبل الأنساب. قل لي: من أنت؟ وما عَمَلُكَ؟ وإلى أي مقام ارتفع قدرك؟ يا من لا يصبر لحظةً عما يشتهي. بالله عليك أتدري من الرجل؟ الرجل والله من إذا خلا بما يحب من المحرم وقدرَ عليهِ وتقلقل عطشاً إليه، نظر إلى نظر الحق إليه فاستحى من إجالة همه فيما يكرهه، فذهب العطش. كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي، أو مالا تصدق الشهوةُ فيه، أو مالا تقدُر عليه. كذا والله عادتُك إذا تصدقت أعطيت كسرةً لا تصلُح لك، أو في جماعةٍ يمدحونك. هيهات والله ولا نلتَ ولايتنا حتى تكون معاملتُكَ لنا خالصة. تبذلُ أطايبكَ. وتترك مشتهياتِك، وتصبر على مكروهاتك. علماً منك تدخر ثوابك لدينا إن كنت معاملاً بأنك أجير وما غربت الشمس فإن كنت محباً رأيت ذلك قليلاً في جنب رضي حبيبك عنك. وما كلامنا مع الثالث ]
___________________________________________
العبارات فخمة, والكلام جليل, وفيه غموض كما قلتُ لكم, فإنه يلف الكلام لفاً وهذا الكلام إنما يرجع إلى آيات وإلى أحاديث وإلى وقائع.
وآخذ الخيط من آخر كلامه _رحمه الله_, يقول (وما كلامنا مع الثالث ...) إذاً هذا الخاطرة, بها اثنين, والثالث أبى أن يخاطبه.
أما الأول: فهو المحب, وأما الثاني: فهو الأجير, وأما الثالث: الذي أبى أن
يخاطبه فهو: العاصي. يقول أنا كلامي لن يجد عند أصحاب الهوى وأصحاب العصيان محلا, ولن يجد آذانا صاغية. إنما أنا أتكلم عن المحب أولا, ثم أتكلم عن الأجير, لأن الأجير ما عمل إلا ليأخذ الأجرة, أما العاصي فإنه اتبع هواه, خسر الدنيا والآخرة, هذا أنا لا أتكلم معه, إنما أتكلم مع الصنفين الأولين.
الصنف الأول: وهو أعظم هذه الأصناف وأفضلهم على الإطلاق هو: المحب, والمحب لا يشعر بشيء إطلاقاً من الكلفة في فعل الطاعة, لأنه محب, ولأهل الحب قانون, يلامون دائما, فكلما قويت محبته كان أصم, لا يأخذ إلا من حبيبه فقط. فإذا كان يحب الله _عز وجل_ ويحب رسوله ﷺ المحبة الواجبة فإنه لا يصغي أبدا لأي مخالف لهما مهما رموه, بالألقاب المستشنعة المستبشعة التي تدور اليوم بين الناس, ويرمون بها أهل الالتزام, فإنهم يعرفون طريقهم جيداً, حددوا هدفهم, وعرفوا أين مصدر التلقي, فلم يسمعوا إلا منه,:
كما قال القائل:
وهان عليَّ اللومُ في جنب حبها * وقولُ الأعادي إنـه لخليـعُ
أصـمُ إذا نوديتُ باسمي وإنني إذا قيل لي يا عبدَها لسميـعُ
يريد أن يقول: أنا لا أتلقى إلا من جهة الحب, (أصـمُ إذا نوديتُ باسمي): يريد أن يقول: أنا هنتُ على نفسي, فلم أتبع هواي, حتى إذا قالت لي نفسي افعل فأنا أصم لا أسمع. (أصـمُ إذا نوديتُ باسمي وإنني **** إذا قيل لي يا عبدَها), يا عبدها, وهذا أذل الألقاب لقب العبد, ولذلك لا يشرف المرء في الدنيا إلا إذا كان عبدا لربه,.
والعبودية: هي كمال الذل مع تمام الحب:
ولذلك قال الله عز وجل ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ ( سُورَةُ العَلَقِ : 19 ), اسْجُدْ: هذا السجود تضع أشرف ما فيك وأعلى ما فيك تضعه موضع نعلك وموضع نعال الناس فكلما سجدتَ أي كلما ذللتَ اقتربت, كمال الذل هو الذي يعطيك شرف العبودية, العبودية لغير الله هو الذل الحقيقي المزعج, إنما الذل لله عز وجل شرف لأنه عصب العبودية, فترى الكافرين عندما نزلت أواخر سورة النجم أبى بعضهم أن يسجد, قال: والله لا تعلوني إستي أبدا, رفض أن يسجد, ورأى هذا عارا وشنارا, قُتل هؤلاء جميعا على الكفر,.
لكن العبودية _أن الإنسان يقول أنا عبد_ فيه كمال الذل وتمام الحب, فإذا كان لله عز وجل كان تمام العز, وإذا كان لغير الله كان هو الذل بعينه, .
ومع ذلك يقول:
أصـمُ إذا نوديتُ باسمي وإنني إذا قيل لي يا عبدَها لسميـعُ
وقال الآخر _وهو يبين مرتبة الحب وصنيع المحب_ يقول:
ولو قيل طأ في النار أعلمُ أنه رضي لك أو مدنٍ لنا من وصالك
لقدمتُ رجلي نحوها فوطئتُها سـروراً لأني قد خطرتُ في بالك
أي لو قيل له: ضع قدمك في النار _لكن أعرف أولاً قبل أن أضع قدمي في النار أن هذا يقربني من وصالك_ أنا سأتقدم وسأضعُ قدمي في النار, وشرف لي أن أخطر ببالك.
فهذه المعاني تنتزع ويُقصد بها محبة الله عز وجل أن يكون العبد مذكورا عند الله, أنا لو أعلمُ أنني إذا وطئتُ في النار كان وصالاً لربي _تبارك وتعالى_ سأقدمُ رجلي لأنه شرف لي أن أكون مذكورا عنده,.
لذلك أُبي بن كعب ت عندما قال له النبي ﷺ "إن الله أمرني أن تقرأ عليَّ سورة البينة" فقال أُبي: "يا رسول الله: وسماني لك", قال "نعم", فبكي أُبي, أُبي عبدٌ يمشي على الأرض بقدميه, عندما يقول الله عز وجل للنبي ﷺ: مُرْ أبياً, يا له من شرف بالغ أن يكون عبد مذكوراً عند ملك الملوك على الحقيقة, ليس عند ملك من أهل الأرض ولا حتى ملك الأرض كلها, عند ملك الملوك.
وفي صحيح مسلم من حديث سُهيل بن أبي صالح, قال: كنا في الحج, وإذا الناس يقومون _يقفون_ عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين كان يمر, الناس كلها وقفت وقالت: أمير المؤمنين أمير المؤمنين. فسُهيل بن أبي صالح سأل أباه أبا صالحٍ واسمه زكوان, قال: يا أبتِ أرأيت حب الناس أمير المؤمنين, قال: يا بني إن أبا هريرة حدثني أن رسول الله ﷺ قال " إذا أحب الله عبدا نادي جبريل, فقال: يا جبريل إني أحب فلان ابن فلان فأحبه فيحبه جبريل, ثم ينادي في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلان ابن فلان فيحبه أهل السماء, ثم يوضع له القبول في الأرض.", فعندما يكون العبد مذكوراً عند الله _عز وجل_ هذا شرف بالغ.
فالله أسأل أن يجعل ما قلته لكم زادا ً إلى حصن المصير إليه وعتاداً إلى يمن القدوم عليه إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وبارك على نبينا محمد ، والحمد لله رب العالمين.
[بالله عليكَ يا مرفوعَ القدر بالتقوى لا تبع عزها بذُلِ المعاصي وصابر عطشَ الهوى في هجيرِ المشتهى وإن أمض و أرمض فإذا بلغتَ النهايةَ من الصبرِ فاحتكم و قل فهو مقام من لو أقسم علي اللهِ لأبره تالله لولا صبرُ عمرَ ما انبسطت يده بضرب يدهُ يضرب الأرض بالدِرة. ولولا جد أنس بن النضر في ترك هواه، وقد سمعت من آثار عزمته: لئن أشهدني الله مشهدا
ليرين الله ما أصنع، فأقبل يومَ أحدٍ يقاتل حتى قُتِلَ فلم يُعرفَ إلا ببنانهِ) فلولا هذا العزمُ ما كان انبساط وجههِ يومَ حلفَ والله لا تُكسر سن الربيع. بالله عليك تذوق حلاوة الكف عن المنهي، فإنها شجرةٌٌ تثمر عز الدنيا وشرفَ الآخرة. ومتى اشتد عَطَشُكَ إلى ما تهوى، فابسُط أنَامَل الرجاء إلى من عنده الري الكامل. وقل قد عِيلَ صبرُ الطبع في سنيهِ العِجَاف، فعجل لي العام الذي فيه أغاث فيه عصري بالله عليك تفكر فيمن قطع أكثرَ العمرِ في التقوى والطاعة ثم عَرَضَت فتنةٌ في الوقت الأخير،كيف نطح مركبه الجرفَ فغرقَ وقت الصعود. أفٍ والله للدنيا، لابل للجنة إن أوجب نيلها إعراضَ الحبيب. إنما نسبُ العامي باسمه واسم أبيه، فأما ذوو الأقدارِ فالألقابُ قبل الأنساب. قل لي: من أنت؟ وما عَمَلُكَ؟ وإلى أي مقام ارتفع قدرك؟ يا من لا يصبر لحظةً عما يشتهي. بالله عليك أتدري من الرجل؟ الرجل والله من إذا خلا بما يحب من المحرم وقدرَ عليهِ وتقلقل عطشاً إليه، نظر إلى نظر الحق إليه فاستحى من إجالة همه فيما يكرهه، فذهب العطش. كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي، أو مالا تصدق الشهوةُ فيه، أو مالا تقدُر عليه. كذا والله عادتُك إذا تصدقت أعطيت كسرةً لا تصلُح لك، أو في جماعةٍ يمدحونك. هيهات والله ولا نلتَ ولايتنا حتى تكون معاملتُكَ لنا خالصة. تبذلُ أطايبكَ. وتترك مشتهياتِك، وتصبر على مكروهاتك. علماً منك تدخر ثوابك لدينا إن كنت معاملاً بأنك أجير وما غربت الشمس فإن كنت محباً رأيت ذلك قليلاً في جنب رضي حبيبك عنك. وما كلامنا مع الثالث ]
___________________________________________
العبارات فخمة, والكلام جليل, وفيه غموض كما قلتُ لكم, فإنه يلف الكلام لفاً وهذا الكلام إنما يرجع إلى آيات وإلى أحاديث وإلى وقائع.
وآخذ الخيط من آخر كلامه _رحمه الله_, يقول (وما كلامنا مع الثالث ...) إذاً هذا الخاطرة, بها اثنين, والثالث أبى أن يخاطبه.
أما الأول: فهو المحب, وأما الثاني: فهو الأجير, وأما الثالث: الذي أبى أن
يخاطبه فهو: العاصي. يقول أنا كلامي لن يجد عند أصحاب الهوى وأصحاب العصيان محلا, ولن يجد آذانا صاغية. إنما أنا أتكلم عن المحب أولا, ثم أتكلم عن الأجير, لأن الأجير ما عمل إلا ليأخذ الأجرة, أما العاصي فإنه اتبع هواه, خسر الدنيا والآخرة, هذا أنا لا أتكلم معه, إنما أتكلم مع الصنفين الأولين.
الصنف الأول: وهو أعظم هذه الأصناف وأفضلهم على الإطلاق هو: المحب, والمحب لا يشعر بشيء إطلاقاً من الكلفة في فعل الطاعة, لأنه محب, ولأهل الحب قانون, يلامون دائما, فكلما قويت محبته كان أصم, لا يأخذ إلا من حبيبه فقط. فإذا كان يحب الله _عز وجل_ ويحب رسوله ﷺ المحبة الواجبة فإنه لا يصغي أبدا لأي مخالف لهما مهما رموه, بالألقاب المستشنعة المستبشعة التي تدور اليوم بين الناس, ويرمون بها أهل الالتزام, فإنهم يعرفون طريقهم جيداً, حددوا هدفهم, وعرفوا أين مصدر التلقي, فلم يسمعوا إلا منه,:
كما قال القائل:
وهان عليَّ اللومُ في جنب حبها * وقولُ الأعادي إنـه لخليـعُ
أصـمُ إذا نوديتُ باسمي وإنني إذا قيل لي يا عبدَها لسميـعُ
يريد أن يقول: أنا لا أتلقى إلا من جهة الحب, (أصـمُ إذا نوديتُ باسمي): يريد أن يقول: أنا هنتُ على نفسي, فلم أتبع هواي, حتى إذا قالت لي نفسي افعل فأنا أصم لا أسمع. (أصـمُ إذا نوديتُ باسمي وإنني **** إذا قيل لي يا عبدَها), يا عبدها, وهذا أذل الألقاب لقب العبد, ولذلك لا يشرف المرء في الدنيا إلا إذا كان عبدا لربه,.
والعبودية: هي كمال الذل مع تمام الحب:
ولذلك قال الله عز وجل ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ ( سُورَةُ العَلَقِ : 19 ), اسْجُدْ: هذا السجود تضع أشرف ما فيك وأعلى ما فيك تضعه موضع نعلك وموضع نعال الناس فكلما سجدتَ أي كلما ذللتَ اقتربت, كمال الذل هو الذي يعطيك شرف العبودية, العبودية لغير الله هو الذل الحقيقي المزعج, إنما الذل لله عز وجل شرف لأنه عصب العبودية, فترى الكافرين عندما نزلت أواخر سورة النجم أبى بعضهم أن يسجد, قال: والله لا تعلوني إستي أبدا, رفض أن يسجد, ورأى هذا عارا وشنارا, قُتل هؤلاء جميعا على الكفر,.
لكن العبودية _أن الإنسان يقول أنا عبد_ فيه كمال الذل وتمام الحب, فإذا كان لله عز وجل كان تمام العز, وإذا كان لغير الله كان هو الذل بعينه, .
ومع ذلك يقول:
أصـمُ إذا نوديتُ باسمي وإنني إذا قيل لي يا عبدَها لسميـعُ
وقال الآخر _وهو يبين مرتبة الحب وصنيع المحب_ يقول:
ولو قيل طأ في النار أعلمُ أنه رضي لك أو مدنٍ لنا من وصالك
لقدمتُ رجلي نحوها فوطئتُها سـروراً لأني قد خطرتُ في بالك
أي لو قيل له: ضع قدمك في النار _لكن أعرف أولاً قبل أن أضع قدمي في النار أن هذا يقربني من وصالك_ أنا سأتقدم وسأضعُ قدمي في النار, وشرف لي أن أخطر ببالك.
فهذه المعاني تنتزع ويُقصد بها محبة الله عز وجل أن يكون العبد مذكورا عند الله, أنا لو أعلمُ أنني إذا وطئتُ في النار كان وصالاً لربي _تبارك وتعالى_ سأقدمُ رجلي لأنه شرف لي أن أكون مذكورا عنده,.
لذلك أُبي بن كعب ت عندما قال له النبي ﷺ "إن الله أمرني أن تقرأ عليَّ سورة البينة" فقال أُبي: "يا رسول الله: وسماني لك", قال "نعم", فبكي أُبي, أُبي عبدٌ يمشي على الأرض بقدميه, عندما يقول الله عز وجل للنبي ﷺ: مُرْ أبياً, يا له من شرف بالغ أن يكون عبد مذكوراً عند ملك الملوك على الحقيقة, ليس عند ملك من أهل الأرض ولا حتى ملك الأرض كلها, عند ملك الملوك.
وفي صحيح مسلم من حديث سُهيل بن أبي صالح, قال: كنا في الحج, وإذا الناس يقومون _يقفون_ عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين كان يمر, الناس كلها وقفت وقالت: أمير المؤمنين أمير المؤمنين. فسُهيل بن أبي صالح سأل أباه أبا صالحٍ واسمه زكوان, قال: يا أبتِ أرأيت حب الناس أمير المؤمنين, قال: يا بني إن أبا هريرة حدثني أن رسول الله ﷺ قال " إذا أحب الله عبدا نادي جبريل, فقال: يا جبريل إني أحب فلان ابن فلان فأحبه فيحبه جبريل, ثم ينادي في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلان ابن فلان فيحبه أهل السماء, ثم يوضع له القبول في الأرض.", فعندما يكون العبد مذكوراً عند الله _عز وجل_ هذا شرف بالغ.
فالله أسأل أن يجعل ما قلته لكم زادا ً إلى حصن المصير إليه وعتاداً إلى يمن القدوم عليه إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وبارك على نبينا محمد ، والحمد لله رب العالمين.